سعد عبد الرحمن

يصف ابن عنقاء الفزاري في ثمانية أبيات ذئبا جائعا يبحث عما يتقوت به، رآه الشاعر في أواخر الليل وهو يتظالع أي يتصنع العرج وما به من عرج، ولكن ربما بسبب ما يعانيه من الجوع، فلما أجهده البحث ويئس من الحصول على ما يسد به جوعه نام فوق الربوة ملتفا حول نفسه مثل الحية حين تلتف حول نفسها، فلما طلعت الشمس ولسعته حرارتها حك ظهره بأنيابه وقعد على مؤخرته (أقعى) ثم تمطى وعوى عواء حادا، بعد ذلك انطلق موليا ينافس الريح الباردة (الصبا) في سرعتها، والأبيات عبارة عن لوحة وصفية محضة يظهر فيها الشاعر وكأنه فنان تشكيلي جذبه مشهد مثير في الطبيعة فجلس ليسجله على لوحته، ولكن الشاعر لم يسجل المشهد من خلال لحظة واحدة في الزمن كما يفعل الفنان التشكيلي وهذا قصارى ما تقدر عليه فنون المكان (الفنون التشكيلية) بحسب نظرية لسنج في كتابه الشهير “اللاوكون”، ولكنه سجل المشهد من خلال عدة مراحل زمنية، كل مرحلة تصور حالة من حالات الذئب الجائع منذ لحظة مجيئه باحثا عما يأكله بجوار الشاعر، حتى لحظة يأسه الأخيرة وانكفائه جائعا كما جاء، وفي الشطرة الأخيرة من البيت الأخير صورة جزئية من روائع الصور البيانية، يشبه فيها الشاعر الذئب حين ولى جائعا مضطربا في مشيته بفقاعات الماء (الحباب) التي حركتها الريح فوق صفحة البركة الساكنة :

ابن عنقاء الفزاري (توفي عام 2 ق.ھ) واسمه الصريح قيس بن بجرة وقيل عبد القيس بن بجرة، شاعر مخضرم عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام كبيرا، ويعد من فحول شعراء غطفان من بني شمخ بن فزارة وعنقاء اسم أمه.

الذئب وتجلياته في الشعر العربي القديم

• ذئب امرئ القيس
• ذئب تأبط شراً
• ذئب المرقش الأكبر
• ذئب الشنفرى

• فكر ونقد
• أوراق