عينٌ ثالثة

عينٌ ثالثة

ميرفت الخزاعي

اللوحة: الفنانة الأميركية كارين كيزر

 انتبهتُ لمظلةٍ حمراء متروكةً عند المقعد الذي شغلته شابةٌ جميلة لدقائق معدودة.  

امتدتْ يدي للميدالية المتدلية من مقبضِها الخشبي. 

أظنه الحرفَ الأول من اسمها أو اسم حبيبها أو صديقها المقرب، فنظراتها 

الساهمة، وإلتصاقها بزجاج النافذة أوحى لي بحزنٍ عميقٍ احتلَ قلبها. 

ربما نسيتها عمدا لألحق بها وأتبعها بعد أن نزلتْ في محطتها المنشودة كما أفعلُ 

الآن.   

اقتربَ الليلُ من منتصفهِ، لكني ميزتُ معطِفها بسهولة من بين الرؤوس المتراصفة 

في محطة المترو، فللياسمين شذًى أخاذ.

مالتْ خطواتها، وتشبثت بكل جدارٍ صادفتهُ، احمرت وجنتاها البيض كندف

 الثلج خجلا وإحراجا؛ لكثرة الأجساد التي ارتطمت بجسمها الرشيق، وتوقفت أكثر 

من مرة لإجراءِ اتصالٍ هاتفي.  

منعني ضجيج المارة وصافرات القطارات القادمة والمغادرة من سماعِ ما تقول.. 

  • سيدتي، انتظري قليلا، هاكِ مظلتكِ.  
  • شكرا لك، هي ليست مظلة وحسب، بل عيني التي اُبصُر بها.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.