ريما إبراهيم حمود
اللوحة: الفنانة الفلسطينية سينا العال
وضعوا الإطار على الجدار المواجه لمكتبتِها، مسحتْ أطرافه الذهبية بقطعة قماش بيضاء لتكتشف أية جريمة للأتربة.
ظل الإطار فارغاً.. لكنه يحتل مساحة لا يستهان بها من الجدار الأبيض الكبير.
تناقشت العائلة لتتفق على لوحة ما تملأ صمت الإطار.
اختار الجميع إلّاها لوحة لغابة خضراء وغزال يقف ساهما في أسفلها، أبدت رضاها بما توصلوا إليه.. وسكتت.
نزع أحدهم الإطار وهي تقف فوق رأسه خوفاً من أن يجرحه باندفاعه.
ثبّت اللوحة، أعاده إلى الجدار الأبيض فضجّ بالألوان.
جلست أمامه سنين طويلة تراقب ذلك الغزال الساهم، تنفض عن وجهه ذرات التراب الشاردة، تبكي أمامه، تضحك، تختار أسماء جديدة لكل شيء، تغضب فتتركه مغبراً لأيام، تعود راضيةً فتمسح بحنانها المكسور الغبار عنه.
كانت ترى الإطار يلمع في مرآتها على الحائط المقابل كلما تحسّست وجهها لتكتشف تمرد السنين عليه، فتبكي لساعات طويلة، تنام حتى التخمة، وقبل أن تصحو تلبس فراغاً جديداً لتملأه من جديد.
حين استيقظت ذات يوم، اكتشفت أنها لم تلبس فراغها المعتاد، الجدران البيضاء كانت تصخب بالغضب، مرارة صمت طويل شوهت البياض القديم، دارتْ في غرفتها طويلا، راقبتْ وجهها ينهار حزنا في مرآتها، لمع الإطار حتى استفزها، ركضت إليه، خلعته عن الجدار، نزعت اللوحة منه، قفز الغزال الساهم إلى جانبها، أشرعت النافذة وألقت بالإطار فوق رؤوس الجميع.