حسين نهابة
اللوحة: الفنانة المصرية أسماء فايز
اليوم أودّعُ فيك،
ما تَبّقى حياً من مآذني،
وأنفتحُ على الخوفِ المُواربِ
بلهفةِ مَفجوع،
وأدفنُ سُخرياتَ القَدر
بوشمِ آخر مُنقرض قادم
من قُصورِ غِرناطة،
انطفأ في وقتٍ مُبكر
بجراحِ مدينة أختارتْ تواريخَ مهجورة
وأبطالٍ دون هوية.
لا تقلقْ عليّ،
ولا تقلقْ على المساءِ الأخير الذي
اغتصبني قبل الأوان، دون رحمة،
فالخيارُ واحدٌ لمحاربٍ هرم
عتّقته أمهُ من حبلهِ السِري
قبل أن يكون،
ورمتهُ في صناديق النُذور
بوجهٍ ليس له.
تعبتُ من الإحساس بذنبٍ
لم تقترفه قابلتي،
إذ اودعتني في قباب الأندلس المنسية،
بقماطٍ ليس لي،
فكان صوتي المبحوح بألف حكاية
منغمساً بحلم ثكلى ولهانة،
بإبن غيّبته التواريخ.
اليوم أودّعُ فيك،
صبراً منسياً،
وجراح آبقة في جسدي
تبحثُ عن الوان متخفية
في لعب الاطفال،
وزغاريد نساء يودّعن ما تبقى
من خريفهن الآفل،
وليل طويل لا يكلّ،
والناس هناك في الأقصى يرقصون
عين بعين في لحظاتِ المدن المُستكينة
دونما وجل
من غدٍ أثيم.