أنوثة

أنوثة

ريما إبراهيم حمود

اللوحة: الفنان البلجيكي رينـيـه مـاغـريـت

   غطت وجهها بشالها الطويل، تركت فسحة لعينيها الذابلتين، دخلت الزقاق الطويل الملتوي، فلازمت الجدران المتتالية حتى توقفت أمام باب أسود، زادها رهبة وقلقا زعيقه حين انفرج عن امرأة نحيلة ينحسر شالها عن شعرها:

  • ادخلي

    دخلت وراءها، أشارت إلى الكرسي المقابل لغرفة مغلقة، جلست تلتقط أنفاسها، تمسح عرقاً اختلط بدمعها الحار الصامت.

   عشر دقائق مرتْ، أشارتْ المرأة إليها، مشت وراءها مجتازة باب غرفة ابتلع داخله عتمة تضطرب في قلبها ذبالات شموع وقناديل قديمة، في وسطها تتوقد جمرات باعثة دخانا أزرق.

جثتْ على ركبتيها راجفة الشفتين: 

  • هل تذكرتني؟ 

  رفعتْ العجوز رأسها، أمعنتْ النظر في وجه محدثتها، فركتْ عينيها، تمتمتْ عن يمينها وعن شمالها بكلمات لم تفهم منها شيئا.

صرختْ في وجهها مشيرة إلى الباب: 

  • لا

  دنتْ منها وضعتْ يدها اليمنى على ركبتها، و قبل أن تنطق، زجرتها: 

  • قلتُ لا.. اخرجي

مسحت بمنديل دمعاً حاراً:

  • أرجوك .

عقدت المشعوذة حاجبيها، نهرتها:

  • لن أرده.. سحري المعقود لا يفك.. انصرفي. 

وضعت كلتا يديها على ركبتيها، أحنتْ رأسها راجيةً متوسلةً:

  • ردّي سحره عني.. ردّيه.. أيتها الفاشلة.. خذيه.. سحرك انقلب عليّ.. خذيه. 

  رفعت المشعوذة يديها في الهواء، رشّت رذاذاً كريه الرائحة في وجهها صرخت بها دافعة كتفيها للوراء:

– إليك عني.. أنت أردته.. أنت أطلقيه. 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.