عذبْــةٌ أنـتِ

عذبْــةٌ أنـتِ

أبو القاسم الشابي

اللوحة: الفنان العراقي علي حسين الصالحي

عذبْــةٌ أنـتِ كالطفولـةِ، كـالأحلام

كـــاللّحن، كالصبـــاح الجــديدِ

كالسـماء الضحـوك كالليلـة القمْـراء

كـــالورد، كابتســـام الوليـــدِ

يــا لهــا مــن وداعـةٍ وجمـال

وشــــباب مُنَعَّــــم أُمْلـــودِ!

يـا لهـا مـن طهارةٍ تبعثُ التقديسَ 

فـي مهجة الشقيِّ العنيدِ!…

يــا لهـا رقَّـةً يكـادُ يَـرفُّ الـوَرْدُ 

منهــا فــي الصّخـرة الجـلمودِ!

أيُّ شـيء تُـراكِ؟ هـل أنتِ “فينيسُ”

تهــادتْ بيــن الـورى مـن جـديدِ

لِتُعيــدَ الشــبابَ والفـرح المعسولَ

للْعــالم التعيس العميــدِ!

أم مـلاكُ الفـردوس جـاء إلـى الأرض 

ليُحْــيي روحَ الســلام العهيـدِ!

أنـتِ.. مـا أنـتِ؟ أنـت رسمٌ جميلٌ

عبقــريٌ مــن فـنِّ هـذا الوجـودِ

فيـكِ مـا فيـه مـن غمـوضٍ وعمقٍ

وجمــــالٍ مُقَـــدَّسٍ معبـــودِ

أنـتِ.. مـا أنتِ؟ أنتِ فجرٌ من السحر 

تجــلّى لقلبِــيَ المعمــودِ

فــأراه الحيـاةَ فـي مـونِق الحسـن

وجـــلّى لـــه خفايــا الخــلودِ

أنـتِ روح الـربيع، تختـال في الدنيا 

فتهــتزُّ رائعـاتُ الـورودِ

وتهـبُّ الحيـاةُ سـكرى مـن العطر 

ويــدوي الوجـودُ بـالتغريدِ

كلّمــا أبْصــرتْكِ عينـايَ تمشِـين

بخطوٍ مـــوقَّعٍ كالنّشـــيدِ

خَـفَقَ القلـبُ للحيـاة، ورفّ الـزّهـرُ 

فـي حـقل عمـريَ المجـرودِ

وانتشــتْ روحــيَ الكئيبـةُ بـالحبِّ

وغنــــتْ كـــالبلبل الغرِّيـــدِ

أنــتِ تُحـيِينَ فـي فـؤاديَ مـا قـد

مــات فـي أمسـيَ السـعيدِ الفقيـدِ

وتَشِــيدينَ فــي خــرائِبِ روحـي

مــا تلاشـى فـي عهـديَ المجـدودِ

مـن طمـوحٍ إلـى الجمـالِ إلـى الفنِّ

إلـــى ذلــك الفضــاء البعيــدِ

وتَبُثِّيــن رقــة الشـوقِ، والأحـلامِ

والشــدوِ، والهــوى، فـي نشـيدي

بعــد أن عــانقتْ كآبــةُ أيَّــامي

فـــؤادِي، وألجـــمتْ تغريــدي

أنــت أنشــودة الأناشــيد غنّـاكِ

إلـــه الغنـــاءِ، رَبُّ القصيـــدِ

فيـكِ شـبّ الشَّـبابُ، وشَّـحهُ السِّحْرُ

وشــدوُ الهــوى، وعِطْـرُ الـورودِ

وتــراءى الجمـالُ، يـرقص رقصًـا

قُدُســيًا، عــلى أغــاني الوجـودِ

وتهــادتْ فـي أفْـقِ روحِـكِ أوْزانُ

الأغـــاني، ورقّـــةُ التغريـــدِ

فتمــايلتِ فــي الوجــود، كلحْـنٍ

عبقــريِّ الخيــالِ حــلوِ النشـيدِ:

خـــطواتٌ، ســكرانةٌ بالأناشــيد،

وصــوتٌ، كرجْــع نــاي بعيــدِ

وقــوامٌ، يكــاد ينطــق بالألحـان

فـــي كـــلِّ وقفـــةٍ وقعــودِ

كــلُّ شــيءٍ مـوقعٌ فيـكِ، حـتى

لَفْتَــةُ الجــيد، واهــتزازُ النّهـودِ

أنـتِ.. أنـتِ الحيـاةُ فـي قدْسها السامـي، 

وفـي سـحرها الشـجيِّ الفريدِ

أنـتِ.. أنـتِ الحيـاةُ، في رِقّةِ الفجر 

وفـي رونـق الـربيع الوليـدِ

أنــتِ.. أنــتِ الحيــاةُ، كـلَّ أوانٍ

فــي رُواءٍ مــن الشــباب جـديدِ

أنـتِ.. أنـتِ الحيـاةُ فيك وفي 

عينَيْكِ آيـاتُ سـحرها المَمْـدودِ

أنـتِ دنيـا مـن الأناشـيد والأحْـلام

والســـحْر والخيـــال المديـــدِ

أنـتِ فـوقْ الخيـال، والشِّـعرِ، والفنِّ

وفــوْقَ النُّهَــي وفــوق الحـدودِ

أنــتِ قُدْسـي، ومَعبـدي، وصبـاحي

وربيعــي، ونَشْــوَتي، وخــلودي

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.