علي الجارم
اللوحة: الفنان الروسي كيريل ليموخ
أَيُّ هَذَا (المِكْرُوبُ) مَهْلًا قَليلًا
قَدْ تَجَاوَزْتَ في سُراكَ السبِيلَا!
لَسْتَ كَالْوَاوِ، أنتَ كَالْمِنْجَلِ الْحَصَّا
دِ، إنْ أحْسَنُوا لَكَ التمْثِيلَا
ما غَلَبْتَ النفُوسَ باِلْعَزْمِ لَكِنْ
هَكَذَا يغْلِبُ الْكَثِيرُ الْقَلِيلَا
أنْتَ في الْهِنْدِ في مَكَانٍ خَصِيبٍ
فَلِمَاذَا رَضِيتَ هذا الْمُحُولَا؟
أَنْتَ كَالشيْبِ إن دَهِمْتَ ابْنَ أُنْثَى
لم تُزَايِلْ جَنْبَيْهِ حَتَّى يَزُولَا
حارَ «بنشنج» فِيكَ يَا ابْنَ شَعُوبٍ
ونَقَضْتَ الْمُجَرَّبَ الْمَعْقُولَا
عَقَدَ الأمْرَ فابْتَكَرْتَ لَهُ الْحَلَ،
وما كانَ عَقْدُهُ مَحْلُولَا
قَامَ يَغْزُوكَ بَيْنَ جَيْشِ الْقَوَارِيرِ
فَوَلَّى بِجَيْشِهِ مَخْذُولا
وَتَرَكْتَ الْحُمُوضَ تَجْرَعُها الْأَرْضُ،
وجَرَّعْتَنَا الْعَذَابَ الْوَبِيلَا
«وبموشَى» أرَادَ حَصْرَكَ بِالْجُندِ،
وهَلْ تَحْصُرُ الْجُنُودُ السيُولَا؟
يَا ثَقِيلَ الظِّلال آذَيْتَ بِالْمَا
لِ وَبالنَّفْسِ فَالرحِيلَ الرَحيلَا
مَنْ يبِتْ عِنْدَهُ الْهِزَبْرُ نَزِيلًا
كانَ مِنْ قَبْلِ زادِهِ مَأْكُولَا!
رُبَّ طفلٍ تركتَ مِنْ غَيْرِ ثَدْيٍ
يَضْرِبُ الأَرْضَ ضَجَّةً وعَوِيلَا!
وَفَتاةٍ طَرَقْتَها لَيْلة العُرْ
سِ وَقَبْلَ الْحَلِيلِ كُنْتَ الْحَلِيلَا
كَحَّلُوا جَفْنَها فَكَحَّلْتَ فِيها
كُلَّ جَفْنٍ أَسًى وَسُهْدًا طَوِيلَا
خضَّبَتْها يَدُ الْمَوَاشِطِ صُبْحًا
فَمَحاهُ الْمُطَهِّرُونَ أَصِيلَا
ما رَحمتَ الْعُيُونَ تِلْكَ اللَّوَاتِي
تَرَكَتْ كلَّ عاشِقٍ مَذْهُولا
لَوْ رَآها جِبْرِيلُ أسْتَغْفِرُ اللهَ
لأَلْهَتْ عَنْ وَحْيِهِ جِبْرِيلَا
يَا قَتِيلَ (الْفِينيكِ) يَكْفِيكَ قَتْلا
كَ فَأَغْمِدْ حُسامَكَ الْمَسْلُولا!
إنَّ في مِصْرَ غَيْرَ مَوْتِكَ مَوْتًا
تَرَكَ الْأَرْوَعَ الْأَعَزَّ ذَلِيلَا
فَارْتَحِل بَارِدَ الْفُؤَادِ قَريرًا
مرْوِيًا مِنْ دَمِ الْعِبَادِ الْغَلِيلَا