جسد غارق في غيابه

جسد غارق في غيابه

د. عيد صالح

اللوحة: الفنان الألماني أوسكار مول

قلت للذي غادر ولم يغادر

والذي أقام حيث لا مقام

والذي سوخ في الزمان والمكان

والذي كان ولم يكن

والذي جيء به من سديم لبرزخ

يحط على حافة النهر حينا

وحينا على شاطئ البحر

أو بواد غير ذي زرع

لا ماء لصاد

لا معجزات

لا نبوءات

لا سحابة تمر

ولا طير

لا كوخ في غسق غابة

لا هبة ريح

ولا حفيف أوراق شجر

في حلمك المخاتل

                            وأنت بين طلل ورمس   

وخرائط لم تمس

وأنت ترجف وترتجف

وأنت تلحف في سؤال

ينسل من سؤال

يعيد رجع صداه بلا توقف

كطاحونة عمياء

ما بين صيف وشتاء

يتمدد الطقس

جسدا غارقا في غيابة

وغيبوبة

لا أنين

لا شراذم أو سقط متاع

ربما بعد حين

تتغير الخرائط

والمناخات

ربما بعد هنيهة

أو ملايين السنين

عبر برق مخاتل

عبر تشقق الضرع والحلمات

عبر جوع أبدي

عبر ما كان قبل البدء

حين انبثقت في رحم بغير نواة

في رجفة اشتعال الحياة

في الولوج المحال

في الاحتراق المثير

في سدة وسدرة

غير ما في الكون والحياة

حياة غير الحياة

أنت فيها الوجود مذابا

كإحليل عشق

صب في المدارات

ربما ذاتُ

خلعت غسلينها

وارتدت نعيمها

في قيامة الذات للذات

في الولوج

اللانهائي

العبقري


صفحة الكاتب في حانة الشعراء

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.