اللوحة: الفنانة المصرية فاطمة الزهراء بسيم
خلال حرب السادس من اكتوبر1973.. انفرد الجندي عبد السميع بنفسه يكتب رسالة إلى زوجته، لكنه أصيب قبل أن يكملها، فاستشهد تاركاً نصف رسالة إلى زوجته.
قرأتُ هذه الرسالة التي لم يكملها عبد السميع.. فكان هذا النص:
في الـمَـسـَا المـُلقـِـي على الأفـْقِ دِماهْ
والربـُّا الحيـْرَى على الأفـْقِ المـُريبِ
أَرْسـَلَ الطـَّرفَ، فدارتْ في رؤاهْ
أمنياتُ الغـَدِ والماضـِـي القـَريبِ
فتنـَزَّى وتنزَّتْ شـَفـَتـَاهْ
بالْهوَى الظامـِئِ والشوقِ اللهيبِ
يا حبيبي!
لكَ، للناسِ، لأمـِّي، كلُّ حبي
للخـُطا الظمأى إلى النـَّصـْر
وأخباري وحرْبى
وتحياتي لأحلامٍ تراءَتْ حولَ عينيْكِ مساءَ
للذي قلناهُ
للبيتِ الذي يختـْالُ حُـبـًا وصفاءَ
للغدِ الزَّاهي بطفلينِ سعيديْنِ
على الأفـْقِ تراءى
يا حبيبي
مثلما أوْصيتـَني،
ما زلتُ للأرضِ وللحبِّ وفيـَّا
أهـَبُ الأرضَ وأحلامي إذا نادتْ
شبابـًا عبقريـَّا!
وغدًا أختالُ بالغـَارِ
إذا الحبُّ من عينيكِ أضفاهُ عـَلـَيـَّا
يا حبيبي
راجعٌ يومـًا أنا
راجعٌ يومًا أنا
تَخِذَتْ عينيكِ عينِي وَطـَنـَا
صُوَري، قلبـي، بقايا وَرَقـِي
كلـُّها عندكِ
حتى نلتقي
منذ فارقـُتكِ لم نفترقِ
راجعٌ يومـًا.. ثـِـقـِي
راجعٌ يومـًا.. ثـِقـِي
كلماتٌ صاغـَهـَا، ثم طـَواهْ
قدَرٌ في رمـْـلِ سيناءَ عـَتِيْ
كـُنَّ للموت وقد شئـْنَ الحياةْ
فدَوَى خندقـُهُ أيُّ دَوِىْ
فقضى، للحب تهفو شفتاهْ
مثلما يَقضِى على الطهرِ نَبِيْ!
أين ليلاهُ التي ترجو هواهْ؟
تـُطبقُ الْجَفـْنَ على حـُلمٍ هـَنـِىْ
إيه ليلى
حبُّ سيناءَ طـَواهْ
لك يا ليلـَى العزَاءُ الأبديْ
وبـَكـَتْ عينايَ للمشـْهـَد، آهْ
لستُ أدْرِي أَعـَليـْهِ، أَمْ علىْ؟
قلتُ يا للهِ
جناتٌ من الأوهامِ هـَشـَّهْ
فهي لا تدرِي كما أدْرِي
فقد مَات الذي صاغتْ من الأحلامِ عـُشـَّهْ
مـُطـَبقَ الكفِّ على نـِـصـْف خطابْ
لم يكملْ رحلةَ الْحبِّ، وَمَاتْ
ها هنا يا حبُّ يطويكَ الغيابْ
ها هنا تـَرقدُ أحلى الأمنياتْ
رحلةٌ تعـْتـصـرُ القلبَ.. عذَابْ
لستُ أدْري ما تقولُ الكلماتْ
* * *
إيهِ مِصرٌ
كم على حبـِّكِ قد وقـَّعَ الأحلامَ
أنغامـًا هُنا
حسدَتْ حبـَّـكِ ليلى فانـْحسدْ
خاطرٌ، كنتُ أُداريهِ أنَـا
فقضى للحبِّ تهفو شفتاهْ
مثلما يقضـِي عَـلى الْـحُـبِّ نـَبـىْ!
إيـهِ ليـلـَى
حبُّ مصرٍ قد طواهْ
لك يا ليلـَى العزاءُ الأبديْ
وَبَكَتْ عَيـْنَـايَ للمشهدِ..
آهْ…
لستُ أدْرِي أعـَليها
أمْ عَـلىّْ..!