لاو تسي.. تدخّل الحكومة يُفقد الشعب روحه

لاو تسي.. تدخّل الحكومة يُفقد الشعب روحه

حانة الشعراء

لاو تسي فيلسوف صيني قديم وشخصية مهمة في الفلسفة الطاوية، يُعتقد أنه ولد عام 604 ق.م. ولم تذكر المصادر التاريخية تاريخ ميلاده ووفاته بدقة، إلا أنه ظهر قبل كونفوشيوس بفترة قليلة في مملكة تشو، في أواخر عصر الربيع والخريف (770 -476 ق م). وكان لاو تسي مسؤولا عن إدارة الكتب والمحفوظات لأسرة تشو، وكان ذا معرفة واسعة. ويقال إن كونفوشيوس زاره في شبابه ليتعلم منه الطقوس والشعائر وقواعد الأدب لأسرة تشو. ومع اضمحلال الأوضاع في بلاط تشو، قرر لاو تسي مغادرة العاصمة لويانغ.

وتذكر بعض المصادر الصينية أنه عندما وصل إلى ممر هانغو خرج على ظهر ثور أخضر ولم يعلم أحد وجهته، ليصل إلى مشارف التبت، وهناك استوقفه أحد الحراس وطلب منه تسجيل تعاليمه قبل مغادرته من أجل مصلحة البلاد، فاستجاب له لاو تسي وجلس ثلاثة أيام تحت شجرة ليكتب كتاب “طاو تي تشنج” (طريق القوة)، وضمنه 81 مقطوعة شعرية من الحكم والتعاليم وهو الكتاب الذي أصبح فيما بعد أساساً لتعلم الفكر والفلسفة الطاوية، وهو اليوم من الكتب الأكثر ترجمة ومبيعاً في العالم.

تعارض الطاوية الأحكام الصارمة وتدعو إلى أن يساير الإنسان الطبيعة في كل شيء، فغايتها الأساسية أن تكون أفكار الإنسان بسيطة ويعيش حياة بسيطة، وتدعو إلى العودة إلى الطبيعة كما تؤكد على الحرية الشخصية المطلقة. بينما كانت الكونفوشيوسية تهتم بشكل كبير بالعلاقات الاجتماعية والسلوك والمجتمع الإنساني

عندما تكون الضرائب مرتفعة يجوع الشعب، وعندما تتدخل الحكومة يفقد الشعب روحه. اعمل من أجل مصلحة الشعب، ثق به واتركه وحاله – لاو تسي

تؤكد الطاوية على القيم الفردية وعلى مكان الفرد في المجتمع، ولهذا يعتبر كثير من المفكرين اليوم لاو تسي أحد أهم دعاة المجتمع المدني في تاريخ العالم، فهذا الفيلسوف الذي عاش قبل 2500 عام تحدث عن تفوق المجتمع المدني على المجتمع السياسي حيث يقول “عندما تكون الضرائب مرتفعة يجوع الشعب، وعندما تتدخل الحكومة يفقد الشعب روحه. اعمل من أجل مصلحة الشعب، ثق به واتركه وحاله

شجيرات الشوك تنبت على الطريق الذي داسته الجيوش.. سنوات عجاف دائما تلي الحروب الكبيرة – لاو تسي

من تعاليم لاو تسي

  • عندما يكون بلاط الملك غارقا في الفخامة، فإن الحقول تمتلئ بالحشائش والأعشاب، وتفرغ مخازن الحبوب.
  •  بعض الناس يرتدون ملابس مزركشة، ويحملون أسلحة حادّة، ويملئون بطونهم بالطعام والشراب، وتصبح ممتلكاتهم أكثر مما يستعملون أو يحتاجون.. هؤلاء هم السادة اللصوص.
  • عندما ُتحكم البلاد بيد رقيقة؛ يصبح الناس بسطاء، وعندما تحكم بالقوّة؛ يصبح الناس خبثاء ومحتالين.
  • الأسلحة آلات الخوف، ليست أدوات الرجل الحكيم.. يستعملها فقط عندما لا يبقى أمامه خيار آخر.. السلام والهدوء أمان عزيزة على قلبه.. والانتصار بالنسبة له ليس مدعاة للفرح.. إذا فرحت بالانتصار فهذا يعني أن القتل يسرّك.. إذا كان القتل يسرّك فلن تحقق ذاتك.
  • شجيرات الشوك تنبت على الطريق الذي داسته الجيوش.. سنوات عجاف دائما تلي الحروب الكبيرة.
  • عندما ُتقتل أعداد كبيرة من البشر في المعارك، فإن القلوب يجب أن تمتلئ عليهم حزنا وألما. علينا أن ننظر إلى الانتصار على أنه جنازة!
  • كلّما كثرت القوانين والمحظورات ازداد الناس فقرا. وكلما زادت الأسلحة مضاءً كثرت المتاعب في الأرض. وكلما زادت القوانين والتنظيمات، تنامى عدد اللصوص وقطّاع الطرق.
  • إن السلام، لا السلطة المتغوّلة، هو الذي يحقّق الأمن والاستقرار. ومن الصعب تنظيم الناس بسبب أولئك الذين يتدخّلون من فوق.
  • إننّي أحفر البئر بحثا عن الماء وأحرث الأرض لإنبات الغذاء. فما حاجتي لسلطة الإمبراطور؟.
لوحة للفنان السوري رائد خليل: لاو تسي مع دائرة اليين واليانغ

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.