بقعة ضوء

بقعة ضوء

ريما إبراهيم حمود

اللوحة:الفنانة السعودية ليلى مال الله

– لا فائدة ، لقد أدمن هؤلاء الحمقى المجانين الضجيج ، ألا يهدؤون ؟

طرق بيده السقف الخفيض عدة مرات :

  • اصمتوا … أريد أن أنام .

أطلَّ رأسُ جاره من كوّة مجاورة له :

  • اهدأ يا رجل … مالك ولهم؟ ضع رأسك في مكانه ويديك فوق بطنك وتظاهر أنّك طوبة أخرى… ربّما ستنام.

  أعاد الطوبة الفاصلة بينهما، غرقَ في نوم… علا شخيره .

   تململ طويلاً، أغمض عينيه لثوان، فُجع هدوؤه بوقع أقدام راكضةٍ لم يستطع إحصاءها، امتدّ الركض لساعات طويلة مصحوباً بهدير أعلى، انقطع لساعات قليلة ثم عاد متواتراً كثيفاً ومقلقاً. 

  أغمض عينيه مرة أخرى، اهتزَّ المكان لعشر دقائق طويلة ممطوطة، تسرّبت خيوط من الرمال فوق وجهه، سحب الغطاء الأبيض على رأسه، طرق على الطوبة:

  • يبدو أنه شيء ثقيل جدا، أشياء ثقيلة يجرونها فوقنا.

  لم يلتفت إليه جاره الملتحف بشخير تعوده. 

   التف لينام على جنبه الأيمن، اهتز المكان بقوة أرعبته، سمع مئات الخطى تركض مجنونة، عادت الرمال لجنونها فوقه، تاركةً وراءها فراغاً صغيراً تسلل منه بعض ضوء إليه، أخّذ يحثو الرمل على وجهه، نام على بطنه، تكوّر حتى لا يصله الضوء.

صاح به جاره :

  • ما بك ؟
  • ضوء.
  • من أين لنا به … أجننت ؟ 
  • تعال لترى .

  أطلَّ الجار، رأى خيط الضوء الرفيع يرسم بقعة صغيرة على وجه صاحبه، تجمّدت ملامحه، وضع الطوبة في مكانها، دق عليها مثبتا، صرخ مذعورا:

  • اتركني و شأني … حل عني.

    عطس، نفض الرمل عن وجهه، قرر أن ينام بالعكس، فيستقبل الضوء بقدميه، أغمض عينيه متجاهلا الركض والصراخ والزلازل والعويل فوقه، تمتم:

  • لا أرتاح حتى في قبري يا أولاد الـ… 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.