فواز خيّو
اللوحة: الفنان الأكراني الكسندر ياتسينكو
حين أموت؛ سأفرض عليهم أن ألقي كلمة الفقيد..
سألقي صمتا طويلا.
سأبوح خلاله بكل ما لم أستطع أن أكتبه، شعرا أو نثراً أو رأياً..
غابة لدي، لم أستطع الحصول منها على بعض الأغصان، لتدفئ شتائي.
أشعلها، فأزداد برداً..
صمتا طويلا سألقيه. سيجده البعض ثقيلا،
والبعض غير مفهوم.
البعض سيفهمه، وقد يجده دامياً.
هل جربتم مرة ترجمة الصمت؟
هو يكتظ بما لم يُقل.
هو الجوهر؛ الذي سيظل عصيّاً حتى على العصيان.
هو تلك السمكة الذهبية الكبيرة، التي تحلم، ولم تستطع صيدها.
قد أشعل النار بتابوتي، وأمضي هائماً.
حتى عند الموت؛ يجب أن يوضع الانسان في زنزانة،
أو كأي إرسالية، توضع في صندوق أو كرتونة..
قلت في احدى قصائدي:
لا فضاء لمن لا عيون لهُ
لا سماء لمن لا نشيد لهُ
****
الصمت..
أفكر بإصدار مجموعة كاملة،
ورقاً أبيض صامتاً،
لن تكلف الكثير في الطباعة.
لكن هل ستصل لمن يتكلم ويجيد لغة الصمت بطلاقة؟
ثم هل الغوغاء سيدعوننا نصغي الى هذا الصمت؟
لا شيء يرهقني أكثر من الغوغاء،
وصمت من نوع آخر، هو ذلك الصمت الذي يبوح باللا شيء..
حتى أنا، ثرثرتي اليومية، تقوض إمكانية تخصيص وقت،
لأستمع الى ذلك الصمت الغامض الجليل..
كل ما حولك، يختصر كل شيء؟ ويجعلك تشعر باللا شيء.
شيء وحيد يفرض نفسه عليك،
هو اللا شيء.