حتى انا يا صديقي لم أعد أنا

حتى انا يا صديقي لم أعد أنا

صباحي صالح

اللوحة: الفنان الإيطالي ماريو سيروني

صديقي رغم أنف المسافة.‏
بالأمس كنت أفكر: كم تستغرق رسالة محملة بكل هذا الحزن والحب الوصول من الجزائر ‏إلى السودان؟
اليوم وصلتني رسالتك ‏على بريدي الإلكتروني.. لم أكن بحالة جيدة ‏للرد حينها
فكما تعلم، الجميع هذه الأيام ليسوا بحالة جيدة.
الجميع هذه الأيام ‏ينزفون قلوبهم بشدة.‏

لم تعد الحياة كما كانت ‏في السابق.. كل شيء تغير، لكن.. نحو الأسوأ فقط.

أمي لم تعد أمي.. تلك المرأة الشابة وزعت شبابها علينا ‏بالتساوي.. “أنا وإخوتي”، لتصبح امرأة شابة بوجه طاعن في السن.
كلما انحنت للغسيل صفق عمودها الفقري.‏

لم تعد الكتابة تداوي كدمات قلبي هنا يا صديقي العزيز.
الذين يكتبون أحزانهم في نظر المجتمع هم مجرد “حمقى عاطلون عن العمل”.‏
هذه الأيام ‏جميع المراهقين يريدون أن يصبحوا كتابا وروائيين بأقلامهم الملونة والمضحكة.‏
لذلك اعتزلت حلمي.. حلمي في أن أصبح كاتبا.‏

حتى حبيبتي الآنسة “عين”‏ لم تعد كالسابق، أصبحت امرأة ‏بمشاعر جافة وقلب بارد
كعلب الآيسكريم.‏
كلما قلت لها “أحبك”‏ تختبئ مني ‏خلف عنابر المرضى وغرف العمليات.‏
امرأة تعمل ‏في الحقل الطبي بدوام كامل لا تنتظر منها ‏أن تتذكر أعياد الميلاد.‏
كلما أرسلت لها “أحبك” شنقتها بسيور المحاليل الوريدية.‏

حتى انا يا صديقي لم أعد أنا..‏

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.