نبيلة غنيم
اللوحة: الفنانة التركية إيميني توكمكيا
على رصيف الشارع.. تمشي الهوينى، في ثقة ترفع هامتها، يسبقها كلبها الصغير المربوط في حبل أنيق يتدلى من يدها.
على الرصيف المقابل يرمقها بعينين دهشتين، يجذبه قدها الممشوق ورشاقة خطواتها، شعرها الأسود الناعم يطير في الهواء، فيرف قلبه مع خصلاته المتطايرة، السيارات المتعاكسة تنهب الأرض وتحجب خلفها الفتاة للحظات ثم تعود صورتها للظهور، انتبه للكلب الصغير المقيد بيدها، أخذه خياله بعيدا، تخيل يوم زفافه على هذه الفتاة الجميلة وهي تتأبط ذراعه يسيران في خيلاء بين المدعوين، تنتصب قامته، يمشى في بطء على أنغام مشيتها الرشيقة، يتمسرح الشارع أمامه، تنساب في أذنيه موسيقى دافئة، يرقص معها رقصة هادئة ويغرق في الهيام.
يد ثقيلة توقظه: الله على الصدف، لم أرك منذ سنوات يا أحمد!
فزع أحمد وارتعدت فرائسه، لكنه تمالك رغبته الشديدة في تعنيف ذلك المتطفل الذي أخرجه من أحلامه وأسقطه في أرض الواقع، وبينما أخذ يبدى ترحيبه بصديقه، كانت عيناه تبحث عن تلك الجميلة التي سلبت عقله، ينتبه الصديق في خبث ويتابع أين زاغت عيناه، فيبتسم قائلا: أتنظر للكلب اللولو الجميل أم لصاحبة الكلب؟ يلتفت أحمد إليه قائلاً: أخرجتني من أحلامي معها أيها اللعين، ربما أتزوجها في يوم ما، وآنس بصحبتها للأبد.
يبتسم الصديق قائلا: ألم تر ذلك الكلب الذي يجرها؟ رد أحمد: تقصد الكلب الذي تجره؟ قال لا، الكلب هو الذي يجرها يا صديقي، لأنها كفيفة.