عبد القادر صبري
اللوحة: الفنان المصري فاروق حسني
المكان: حقلٌ بلا فراشات.
الزمان: يحدثُ كلَّ يوم في زمن الهباء.
الشُّخُوص: أَنتَ، وأنا، ووردة مغدورة.
ربما بات من الأفضل أن أطلقَ لضحكاتي العنان
الآنَ..
وأنا أخوضُ آخر معاركي الهزلية معك.
الضّحك يجعلُ الأمر يتحوّلُ من مأساةٍ الى مَلْهاة
يُعمِّمُ شعوراً بالبهجة السوداء
نسمّيها نحن المسرحيين “الكوميديا السوداء”
فهي المعادل المسرحي “للميلودراما” ذات النهايات السعيدة
كما أنّ الضحك وحدهُ
هو المعادل “الميتافيزيقي” المفسر للغدر..
للخيانةِ..
للخذلانِ..
ولخيبةِ الأمل.
كلُّها أشياء تشبه السقوط
تعوَّدتُ أَنْ أضحكَ حين أسقطُ
الضحك يعيدني إلى أوّل السّطر
يمنحني طاقةً كافيةً للنهوض المتجدد
من حق المغدور أن يحظى بفرصةٍ أخرى
لإعادة المشهد
حتى يستمتع بالأمر مثله مثل جلاديه
فربما يتجدد النهوضُ.. ويتكرر المشهد
أتدرين لماذا يتجدد النهوض؟
لأنَّ السقطات كذلك تتجدد.
أيهما يسبق الآخر؟
السقوطُ أم الألم؟
اعترفي أنّك تعرضتِ لخيبة الأمل هنا
حتماً كنتِ تتوقعين أن يقترن السقوط بالضحك
لا بالألم – حسب السياق، ليس إلا-
نعم هو كذلك..
الضحك استثنائيٌّ
والألم تقليدي
فاضحكي
الأشياء الاستثنائية أكثر جاذبيةً.
هل حدث أن سقطتِ يوماً وأنت تضحكين؟
هذا ما أحاول فعله الآن..
لا أدري كيف نبتت لي عينان خلفيتان
أتساءل ما لونهما؟
لا يهم..
المهم أنهما تجعلاني أرى سكينك المشحوذ
وهو يتأهب للولوج إلى صدري عبر الظهر
فيما أنا أنحني لأقطف لك وردةً حمراء
هكذا أفضل..
فوضع الظهر المنحني يُسهِّلُ وُلُوجَ السِّكين
مباشرةً إلى القلب.
حتى وإن تلطخت الوردةُ الحمراء؟!
لحظة..
تلطَّخَت؟!
كيف يُلَطِّخُ الأحمرُ الأحمرَ؟
في السّقطة القادمة سأقطف لك وردةً بيضاء
لايهم لون الوردة الآن..
المهم أنَّ الوردةَ ستشعرُ بالامتنان
وأنا أسقط فوقها
مبتسماً..
فقد تعُدُّ ذلك حُنُوَّاً عليها
وقد تنسى قصة التآمر الوحشي
الذي كانت ترتكبه أصابعي الهمجية
حين انتزعتها من غصنها الغض
لأجلك.
المشهدُ برُمَّتِهِ مُثيرٌ للضّحك أكثرَ من البكاء
الأغبياء فقط هم الذين يبكون
في هكذا مشاهد
من هم الأغبياء؟
حسب التعريف القاموسي الأخير لرجل الهباء
فإنَّ أولئكَ المَغدورينَ الذين نبتَتْ لهم أعينٌ
في الخلف لا يُعَدّونَ أغبياء
الأغبياءُ فقط، هم الذينَ يُغمِضُون أعينهم
لحظة الموت.
**سِتار**