نبيلة غنيم
اللوحة: الفنانة النيوزيلندية باربرا ستراثدي
(1)
تحتضن باقة ورد حمراء صغيرة تجلس في انتظار “حسن” تملأ عينيها من حُسن هيئته، تراه مهاباً، طويل القامة، لبق اللسان. يهل عليها فتهديه ورودها، تبادله الغرام والهيام، تحكي له لواعج قلبها، تُخرج من حقيبتها ورقة مكتوب فيها ما لا تستطيع وصفه لخجلها.
(2)
في الصباح تفتح نافذتها، تبتسم لـ “سعيد”، الذي ينتظرها في الشُرفة المقابلة، تشير إليه بقبلة طبعتها على أصابعها، تدعوه لمجالستها ليرى ما كتبت له في ليلتها السابقة.
(3)
اليوم تجلس وحيدة شاردة مع ذكرى “محسن” الذي عاشت معه قصة حب يتجاوز لهيبها قصة ليلى والمجنون، تُعلق صورته على حائط خيالها، تكتب اسمه بأصبعها أمام صورته، تشرب قهوتها الصباحية مع ذكراه، تجتر جمال حديثه وبدع مفاجآته التي كان يبهرها بها، تشعر بروحه تطوقها، تغمض عينيها حتى تذوب في رحلة لا تعود منها إلا في صباح اليوم التالي.
(4)
في حالة من الوجد تتسحب بهدوء إلى سريرها حتى لا توقظ “ممدوح” تتلمس جسده المسجى أمامها، تستنشق أنفاسه، تمد جسدها المشبوب إلى جواره، حبل سري غامض يربطها بهذا المخلوق، لكنها الآن تشعر برعدة تفتت أوصالها، لا تعلم كيف صوَّر لها خيالها بأن الجسد المسجى جثة بلا روح، تبتعد عنه لتدخل حجرة مجاورة لتتجاهل تصوراتها.
(5)
خَطى الليل وتسربت نسائم عطر “سامي” إلى قلبها المتوهج بالحب، تتقوقع في شرنقة جسدها، تتناول أوراقها لتغزل بالحروف نسيجاً يقي روحها من صقيع الحياة، برودة أطرافها تثير في رأسها حكايات تتدثر بها لتدفئة ما يمكن تدفئته.
تتسع قماشة حروفها، تصنع أحلاماً كثيرة، كل حلم ترى في زاويته رجلاً، تُسَمِيه وترسمه وتُعلقه على حائطها الخالي، تستقبله قبولا حسناً، ليصبح لديها عالماً وهمياً هائلاً من الرجال اختارهم قلمها الثائر ليؤنسوا وحدتها، ويفتتوا عجزها.