أحملك في قلبي.. وأحلق بعيدا

أحملك في قلبي.. وأحلق بعيدا

نبيلة يحياوي

اللوحة: الفنان الألماني كاسبار ديفيد فريدريش

رداء الحبّ

لم أحدثك عن رداء الحب كيف نرتديه؟

نمتُ لآخر ساعة من الليل، فحدّثتني الرؤى والأحلام عنك في نفس الشاطئ الذي كان يلمع زرقة،لم أحص ِالثواني.

كان اللقاء أشبه بالحلم في حلم، أو ربما بدا كالحقيقة في حياة مثالية متناهية فعلية فاختلطت علي عناوين اللقاء،فقد ظفرتُ بالرداء يالجماله..!

هل كنت تزرع في نفسي مشاعر مرهقة؟

نعم هل أحدثك.. أرهقتني، إنها تمر على تفاصيل حياتي كخفاش ليلي ّ لا يبصر النور، وتلازمني تجاويف الحياة التي انقضّت على الربيع الخامل. مكنونه زهر، وظاهره الغياب.

فكيف يغيب لولا النسيان.؟

وفي الطريق الأصم الذي لا يرد ّالصدى تندثر عقارب الساعة في أحلام لا أدري أحقيقة هي أم مجرد أحلام. هو زمن قصير يحدّث الدجى وأنا أحدثك.

كل الدروب إليك تتحدث بصمت وكبرياء، لم أعد أصغ لها.

بشغف كبير حطمت جدارات الأمس، إنها تشبه لوحات تشكيلية لا معنى لها، فسمعتك أخيرا تحدثني عنها، تتمعن بدقة عالية في طقوس الكلمات لأنني لا أختار ماذا سأقول،

لا أبحث في ذاكرتي عن آيات العبر.. أتحدث فقط إليك وعنك دون سابق إنذار.

وجه السماء في ليلة الحلم ،قابع لم يتزحزح من مكانه ، أدركك الرحيل قبل الرحيل ولم تشأ أن تغمض جفنيك لترى، نعم ذاك الحلم في حقيقته يصدر صوت العودة ، ووتر الحب المنكسر يختزل كل دقيقة ليبقى.

آه استغرقت كل هذا الوقت لأقنع نفسي أنني في أضغاث أحلام ، وأنت تصرُّ أن الرداء لن يكون للحبّ، بربك، دعني أرتدي هذآ الثوب الأبيض، إنه يشبه الشتاء.

النظرة الثاقبة

أجد حجة في النظر طويلا في عينيك، تذكرني دوما بكتاب اقرأهُ، ثم يسترسلون في الحديث: مجنونة…كيف تتحمل امرأة هذا الغوص! سمِعتهم يرددون ويهمسون أتجيدُ ذلك؟ أن تتسلق جدار الصمت لسنوات بحجة أنه والكتاب لا يختلفان. سمِعتُهُ يردد قائلا: وهو يكتب روايته الأخيرة (النظرة الثاقبة) هل تصدقونني؟ إنني أبحر في عينيها من دون شراع.

***

لا يهم كم سنعيش، لحظة.. دقيقة. ثانية سنوات، العمر لا يقاس بالزمن أهديك في لحظة سيولا جارفة من الحب لتعمّر دهرا به، كما أنت.

***

ملامحك جعلت الوطن يخرج من المعتقلِ الأخير، كلّما نظرتُ في جمال وجهكَ كلّما امتدّت اللّحظاتْ.. لا أذكر شيئا، فبدايتي كانت كبداية وطني الأسيرْ، أرحل عنه وطقوس الأرض تناديني، أحاول نسيان الزّمن، فيرتجف تاريخ عشقي، وتحملني ملامحك فوق ناصية الدّهر.. فأبتسم في سكوني يقيناً منّي أنك لا تختلف عن جمال وطني، أهرب منه وأهرب منك، وتعيدني قافلة الحياة بين أحضانه، فأبكي جفائي من غربتي، وأقطع أشواطا أملاً بلقائك، وبالوطن المحتضرْ، ملامحهُ تجاعيد الألمْ، وبقايا الشّجن.

ذلك الحلم الجميل – يختلس النظر ويدنو – احلق بعيدا.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.