ترنيمة الملاك

ترنيمة الملاك

 أحمد فرج الخليفة

اللوحة:الفنانة المغربية الشعيبية طلال

ومضت سنونَ العمرِ 

أسكبُ دمعَها فوق الوسادةِ 

والحنينُ يشدُّني

ونظرت يوماً في حقيقة وحدتي 

هذي المرايا تخدعُ الأحلام

ووجدتني وجهاً..

 نسيتُ ملامحي

يا غربتي 

وجعي بحجمِ مفاتنِ الأيامِ 

أين الصغيرةُ؟

 والضفائرُ خلفَها مهرٌ..

 يسابقُ فرحةَ الأقدامِ؟

كم كانت الشمسُ الصبوحةُ ظلَّنا!

والأرضُ ترقصُ..

 ضحكةَ الأنغامِ!

*** 

ومضيتَ يا عمري الخؤونَ

 تلفُّني كجدائلِ الشَّعرِ الذي قد كانا

من طفلةٍ تهوى الضجيجَ

 وضحكُها مثلُ الربيعِ

 مزخرفُ الألوانِ

كم ماسةٍ مدفونةٍ في الغيمِ

 تنعي حظّها

من ذا يُزيلُ فداحةَ الأحزانِ

أنا ضحكةٌ.. 

تخفي مراجلَ من وجعٍ

قُمريةٌ..

 تنعي حنينَ زمانِ

لا تحسبوا تغريدَها لحنَ الفرح

أنا صوتُ حزنٍ 

لحنُه أشجاني

ومضيتُ أبني كل يومٍ ألفَ عُشٍ

وأعانقُ الأحلامَ في الأغصانِ 

كيف احترفتِ يا شجيراتِ الهوى هذا الخداعَ؟

هل ذلُّ يُتمي أغراكِ  الهوانَ؟

وأنا التي جئتُ الحياةَ كماسةٍ 

فقدت بريقَ الشمسِ والألوانِ 

    *** 

أنا من وهبتُ العشقَ سحرَ جنونِه

وانا القصيدةُ في زمانٍ ميتٍ

وأنا الأمطارُ ضلت أرضَها 

كفكف دموعيَ يا زماناً خانني

كم تركضُ الأيامُ تحت أقدامي الحافيةِ

وتكادُ تلهو عبراتُ عينٍ لم تخني جافيةْ

كم عاثت فسادا في وجهي البريءِ 

والكلُ يرحلُ 

لكن ظلمةَ الأيامِ.. الباقيةْ

وتكادُ تعبثُ في بريقي المنهكِ

لملم أخابيطَ الأنينِ وابتعد 

    *** 

ومضت سنونَ العمرِ تنعي غربتي

اليوم عُرسي والعقاربُ تركضُ

ساعاتُ فرحي وَلَدٌ  تأبَّطَهُ النَّزقْ

هذي العروسُ شقيقةٌ للحورِ عين

كلُّ الملائكِ حولَها ترجو ابتسامةَ ثغرِها

فستانَها .. ألوانَها .. وجناتِها .. شفتا الفرحْ

الشَّعرُ يهربُ من ضفيرةِ طفلةٍ 

كي يعلنَ النومَ الجميلَ على مناكبِ ريمةٍ

الْيَوْمَ  عرسي يا مآسيَ فارحلي

        ***

مرآتي تجهلُ مني الملامحَ والصورْ

كيف التنبؤُ بالجمالِ وبالغدِ؟

ارفع ستارَك فالحياةُ مسارحُ

مثِّل كما يحلو لهم

وابرع كأيِّ ممثلٍ أَلِفَ الحياةَ.. مخادع

لكنني قلبٌ تعودَ أن يُصادقَ رُوحَه

كيف السبيلُ وأنا الصدوقُ ولم أَخُنْ؟

            ***

الكلُّ حولي في سباقِ الخسّةِ 

ولكلِّ نذلٍ دورُهُ

وأراكَ يا حُلماً تربَّى في وريدي

خلفَ الستارةِ تبتسمْ

أنتَ الملاكُ؟

 أم الملائكُ في عيونِكَ يا أميرُ!

الكونُ أصبح صامتًا..

 والصوتُ أنتَ

الكلُّ أصبحَ ميِّتًا..

 والروحُ أنت

عاهدتُ قلبيَ أن أصونَكَ في دمي

لكن شريانَ الحياةِ تسللت منه الدماءُ 

قتلتني .. يا ذا الملاكُ الطاهرُ

وأحلتَ وجهَ سماءِ عشقِكَ..

 أرضاً قفاراً

هدهد دموعَ مواجعي

 وارجع كما كنت الملاكَ

أنت الطريقُ الضيقُ 

لكنك الدربُ الوحيدُ لعزَّتِي

ارحلْ كما شئتَ يا طيرَ الخلاصِ

واترك لذاتي ذكرَها

واعلم بأن حمائمَ الأيامِ يوماً قد تسامحُ فرخَها

لكنها أبداً سترفضُ عودتَكْ

غرِّد بعيدا عن شجيراتي أنا 

فأنا وأنت يا أنيسَ الدربِ خطَّانِ ولا لقاء

وجعُ القطيعةِ أوهنُ الأوجاعِ

         ***

وأعودُ وحدي سنبلةٌ

مرفوعةُ الرأسِ .. 

 لكن جِذري ما ارتوى

أنا لن أكونَ البيلسان

فأنت من ظلمَ الجناحَ 

وأذل نَفْسَهُ  بالهوى حتى هوى

       ***

سأعودُ رغمَ اللطمِ

 أهزمُ الريحَ الجبانَ

واشقُ في وجهِ الخريطةِ دولتي

سأحاكمُ الايامَ 

والأحلامُ قانوني

سأعودُ بين الفاءِ والنونِ البريقَ الساطعَ

وسأنتصر.. رغم يُتمي في الهوى

فالنيلُ شقَّ مراجلي 

كي يُطفِئَ الظلمَ الخؤونْ.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.