ساعة السّابع من نوفمبر

ساعة السّابع من نوفمبر

نورة عبيد

اللوحة: الفنان الأميركي إدوارد هوبر

الآن وقٌبيل تمام خمس سنوات أرتبك من جديد علٌمتني القراءات أنّ أهول أيّام الثٌورات اليوم الموالي للثّورة صوّرت لي السينما ذلك اليوم متاهات ارتقى إلى الوجد عناق الصٌورة والكلمات، يومها تمازج اللٌيل بالصًباح، قلت لزوجي، دعنا نعانق هذا اليوم العظيم، ونطال الشارع الرٌمز وتحديدا نلقي التّحيّة على وزارة الدّاخليّة.

 لم يتردّد وأقسم أنّه لن يتراجع تحت ضغط أيّ عنوان! قبلت التّحدي برجفة عصفور على الأقدام باتجاه المقصود وما إن تجاوزنا حيّا من أحياء جبل جلود حتّى تصاعدت الحركة نحو الجريّ والصّراخ جماعات جماعات.

أنظر إليه فيجيب بنظرة ثابتة لا تراجع شارفناGP1، فانفتح ذات الكون المقروء: ما بين الجندي والجندي جندي يشهر سلاحه، سيّارات عسكريّة متراصة فيالق من جماعات وزارة الدّاخليّة بشتّى الرّتب وأنّى الصّفات معمل من دقّات القلب تكاد ترزح بي وهو يمسك بيدي أحيانا بوجه يميل إلى الغياب أحسست أنّ جميع تلك الأسلحة يمكن أن تصيبنا!

لا أعرف كيف شارفنا محطة برشلونة المحروقة؛ البنك ومغازة كارفور، القطارات في حركة رتيبة، هتافات من هنا وهناك: “تحيا تونس”، “نفديك يا تونس”.

ملنا قليلا، وجدنا أحدهم يحاذي جرَارا يهتف بحماس «انظفوا بلادنا!» فساهمت بجمع شظايا الحديد والحجارة فتنفس قلبي إذ دبّت حركتي نحو الخارج

ضحك منٌي زوجي! ذاك يسرق الحديد والحجارة! فمسحت سواد يدي بمعطفي ثمّ انعطفنا عبر النهج الفاصل بين مطعم لوبرانس، ومكتبة المعرفة نحو الشّارع الرّمز والمقر الذّي لم يصمد

تُقابلنا الوجوه تَحتزم الماء صمت عجيب الجيش منتشر يمنع حتّى التّحيّة بين متبادلي التّحايا شعارات الثورة تبتسم هنا وهناك وأحيانا تبكي جدران تحاكي المدى ما زالت الجموع؛ جموع، ديقاج، تغزوني وهتافهم زادي في هذا الصٌمت القاتل

الشرطة تختار لنا مسلكا من شارع الحبيب بورقيبة وتمنع الوقوف أمام وزارة الدَاخليًة

وفجأة أمرنا عسكريّ بالتّوجه تماما نحو برشلونة تفقّد بطاقة الهويّة سلاح الجندي أسبق للمعنى من كلامه

لايزال يخاطبني نظرا فأزداد بيد زوجي تمسّكا تسارعت الخطى على وقع شارع جمال عبد النّاصر، تستقبلنا ساحة المنجي بالي، الخواء الفراغ ولكن الذين يغتالون الوطن في كلّ الزّوايا، شرعوا سلفا في التّجارة السّوداء

بالرّوح غنمنا تاكسي جماعي يغنم الغنيمة قد ضاعف من الأجرة القانونيّة، هناك لم يُحيّ أحد أحدا فالكلّ أطلّ على ساعة السّابع من نوفمبر ثمّ عاد للاعتصام بمنزله ينتظر رفع حضر التّجوّل وقانون الطّوارئ.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.