أحمد فضل شبلول
اللوحة: الفنان التونسي علي الزنايدي
الترابُ أميرٌ على الأرضِ
يحكمُ كلَّ البلادْ
الترابُ خليلُ المماتِ،
نصيرُ الرقاد
الترابُ حياةٌ
فأينَ الممالكُ،
أينَ العواصمُ،
أينَ المدائنُ،
أينَ العبادْ؟
***
المقابرُ شرقيةٌ
تتلألأُ تحت ضياءِ القمر
تتراقصُ ليلا على نغماتِ الرفات
تتمايلُ صُبحًا على همساتِ النسيم
المقابرُ لا تنتحب
إنها قد تحبّْ
إنها تكتوي بالجثث
وتمرُّ على ذكرياتِ الفراق
إنها تتساءلُ عن حالِنا
تتفاوضُ من أجلنا
تتلاشى بلا موعدٍ
وتعودُ على ذكرِ هذا الحنين
تغني لباقاتِ وردٍ
وموتٍ جميلٍ
وتشعلُ فينا الأنين.
***
المقابرُ ..
هذا التزاورُ كلَّ خميسٍ
وهذا الرحيلُ إلى عالمٍ من سكون
وهذي الدموعُ أمام الشواهد
الترابُ
الغبارُ
ونسجُ العناكب
سحرُ المدافن
تمتمةٌ ..
آيةٌ ..
شاهدٌ يسبقُ الموتَ ..
يجري إلى حتفهِ
ربما يخرجُ القبرُ من شكلهِ
ربما يعبرُ الليلَ نحو فضاءِ النهار.
***
المقابرُ تُعلنُ عصيانَها
والترابُ يغادرُ ذرَّاتهِ
ويقاتلُ أحجارَه
ورفاتُ الملوكِ الغزاةِ
تفرُّ إلى صحراء العدم
الترابُ الفقير
يقاومُ حجلةَ هذا الغراب
ويفتحُ جبَّانةَ الشرقِ عند انتصافِ الشتاء
يقبِّل رملَ البحار
يقيمُ طقوسَ الجنائز
يُشعل نارَ المجوس
أمامَ توابيتِ أجدادنا
***
المقابرُ معمورةٌ بالأواني
ومزدانةٌ بالحجارِ الكريمة
محروسةٌ من عيونِ الحسود
ومنقوشةٌ بالحنان
ومفروشةٌ بالدموع
ومكشوفةُ للسماءِ المعابدُ
إني أراكم تبيحون دمَّ الحقول
وتعتقلونَ الزهورَ
وتستزرعونَ الشرورَ
وتستوطنونَ المزارع
إني أراكمُ تنطلقونَ إلى بعضكم
في عنادٍ
ولكنكمْ ذاهبونَ إلى حفرةٍ
يأكلُ الدودُ جدرانَها
تأمرونَ الجرانيتَ أن يتحدَّث عن حالِكم
تعجبونَ لأن الفضاءَ يكاشفُ أوهامَكم
فاذهبوا للمقابرِ ..
إن وسوسَ المالُ في روحِكم
اذهبوا مرَّةً ..
فالرخامُ يقبِّلُ أقدَّام هذي الهياكل
يمسحُ حزنَ القلوب
ويجلو النفوسَ
يضمُّ العظامَ إلى صدرِه
الرخامُ انطلاقٌ لروحِ الصباح
انبثاقٌ لفجرِ الزمان
الرخامُ = الأمان
اذهبوا مرّةً
وأعدوا القبور
الترابُ أميرٌ على الأرض
موعدُنا في الخميسِ
أمام الشواهد.
رائع كالعادة
إعجابإعجاب
جميل يا أبا الشباليل
إعجابLiked by 1 person