اللوحة: الفنان الروسي فيكتور بوريسوف موساتوف
“كرهت سرقة اللحظات” كان هذا رد “نوران” على تلميحاتي برغبتي في الارتباط بها، ودعتها حزينا لكني التمست لها العذر فقد ذاقت الأمرين عندما ارتضت أن تكون زوجة ثانية، ثم وقعت في فخ الاتهام بخطف رجل من زوجته وأولاده.
بصعوبة قررت قطع الخيط الرفيع الذي كان يربط بيننا؛ رغم تمسكها ببقائه على أمل تغير الظروف
كنت أرى البعد أرحم من قرب مؤلم، واشتياق مغموس في بوتقة الاحتياج.
قطعت تذكرة الرحيل إلى رحلة حددت بدايتها لكن لا أعرف موعد نهايتها، وعلى الرغم من أنها ستزيد من آلامي وأوجاعي لكنها حتما ستمنح كل من حولي راحة وطمأنينة، بركان الغضب المشتعل مع زوجتي قد يهدأ في البعد، والمبلغ الكبير الذي ساتقاضاه من العمل بالخارج سيضمن مستقبلا رغدا لابني الوحيد، أما “نوران” فغيابي بدون شك سيعطيها الفرصة للعثور على من يناسبها، وستلتئم جراحها وتنسى قصة حبنا الذي أجهض قبل أن يبصر النور.
أجبرت على العودة بعد أقل من عام لإصابة زوجتي في حادث، وبعد خضوعها لجراحات دقيقة استرد الله وديعته، أصبت باكتئاب بعد تأنيب الضمير وشعرت بأني أحد أسباب وفاتها لعدم وجودي بجوارها أثناء هذه المحنة، إضافة إلى تركها وهروبي من مواجهة المشكلات، وحملت نفسي أيضا مسؤولية حزن ابني الذي كان بكاؤه على فراق أمه يمزق ضلوعي، ونظراته المهزومة تدميني.
وبعد هدوء عاصفة وفاة زوجتي، عادت تصدح بأذنيّ عبارة “نوران”: “كرهت سرقة اللحظات”، الآن أمامنا ما تبقى من العمر لنعيشه معا، ونعوض ما عانيناه من حرمان، لكن أين هي؟!
هاتفها مغلق، وكافة السبل للوصول لها باتت مسدودة، فما الحل؟ فكرت في الذهاب إلى منزلها لكن تراجعت خشية أن أتسبب لها في مشكلة، لجأت إلى صديقة مشتركة بينا قاطعتها هي الأخرى إبان سفري، واضطررت للحديث معها لأصل إلى شعاع نور وأمل أصل به إلى “نوران”، ردت باندهاش: “ألم تصلك دعوة زفافها قبل شهرين؟“
كررت نفس العبارة، تلجم لساني عن الرد واكتفيت بالرد: “ألف مبروك”.