حابس… حابس!

حابس… حابس!

حسن عبد الموجود

اللوحة: الفنان المصري حسين بيكار

بحكم نشأتي المتدينة كحافظ للقرآن في كتاب القرية ثم كطالب من طلاب الأزهر كنت أشك دائما فيما يروي من خرافات وأساطير عن مغامرات أهل القرية الليلية مع الجن والعفاريت في أزقة قحافة المظلمة وبيوتها المهجورة وحقولها المملوءة بالأسرار ومقابرها التي ادعوا أنها مرتع لإبليس وأعوانه..

لكنني لا أنكر استمتاعي بهذه الأساطير التي كانت تروى صباح مساء وأنني كنت أتابع القصص التي يرويها أهل قريتي بشكل قد يقذفني فجأة إلي داخل الأسطورة أرى وأسمع وأعاني ما عاناه أبطال أساطيرنا العظماء… لا يعيدني إلي الواقع إلا انقطاع الحكاية فجأة لسبب أو لآخر أو انتهاؤها بين ذهول البعض وسخرية الآخرين.

لا أنسى أبدًا تلك الساعات التي كنت أندس فيها متطفلاً في شغف في حلقة الكبار التي كانت تنعقد يوميا في فناء المسجد القبلي الواسع بين العصر والمغرب.

ما أعظمه من مجلس للشيوخ! لا أعتقد أن أمريكا نفسها تمتلك مثله.

فلا أعتقد أن لديهم من هو بخفة ظل “محمد القط ” أو بحكمة “مسعد إمام” أو بحنكة “يونس رفاعي” أو بسرعة بديهة “محمود كبش “أو بذكاء “عبد الجواد محمود وشعبان الأعصر وإسماعيل جاب الله أو بطيبة “علي عبد المجيد ورجب درغام “وآخرين ممن لا يتسع المقام أو تسعف الذاكرة لذكره.

– لكل هذه الصفات التي اجتمعت في كبار القوم كان للجلسة مذاقها الخاص في نفوسنا نحن الصغار، وما كان يجعل للجلسة مذاقًا أكثر خصوصية وإثارة أن تقفز من طيات الكلام فجأة قصة من قصص الجن أو أسطورة من أساطير قحافة المظلمة.

فيدعي جدنا مسعد إمام صاحب السبعين عاماً أنه في إحدى ليالي الشتاء الباردة حين كان متجهًا كعادته لأداء صلاة الفجر مشتملاً بذلك الحرام الصوفي الأصفر ممسكا بعصاه المعروفة حيث كان يمضي في عزم راسخ كالجبال نحو الجامع القبلي لأداء الفريضة قبل موعدها بوقت كافِ حيث اعتاد أن يتوضأ في بحر يوسف ثم يصلي ما يحلو له أمام المسجد المغلق الذي لم يحضر بعد عامله الهمـام ” رجب درغام ” وفجأة وعلي غير توقع من جدنا مسعد إمام يهرول أمامه في فناء المسجد الواسع أمام بابه المغلق قزمان أسودان لكل منهما عينان واسعتان ما زلت أذكر حين صنع بإصبعيه السبابة والإبهام نصف حلقة واسعة ليرينا مدى اتساع تلك العيون الدائرية الغربية.. ثم وصف لنا أيديهم التي تشبه “يد الهاون” وكيف أنها توجها نحوه وهما يرفعان أيديهما ويحدقان بأعينهما لتزداد اتساعًا علي اتساعها وليتطاير منها الشرر نحوه… وأنه لولا تراجعه لخطوة أو خطوتين للخلف لأصابته تلك السهام النارية الحارقة وأنه رغم كل ذلك واجه الموقف بثبات ثم تقدم بعصاه الطويلة نحوهما يسب ويلعن آباءهما وأجدادهما ويشيح بعصاه في الهواء في غير خوف أو اهتمام بهذه المخلوقات التي لم تعد ترهبه لكثرة ما رآه من ألاعيبها التي لا تنتهى ثم يصف لنا كيف اختفى القزمان فجأة أمام هذه الشجاعة النادرة.

وبين قهقهة البعض وتهامس الآخرين أحاول إغلاق فمي الفاغر وأتحسس بيدي المرتعدة شعري الذي تصلب كأشواك صحراوية جافة..

وقبل أن أبتلع ريقي شبه الجاف وأستفيق – وأنا الطفل – من هذه الصدمة العفريتية التي لم تكن في الحسبان أخفض رأسي في ترقب حين يفسح جدنا ” مسعد إمام ” المجال لغيره ليلقي علينا قنبلة جديدة..

أصدقكم القول أن الذاكرة لا تسعفني لذكر أصحاب هذه الروايات لكثرة من سمعنا وما سمعنا ورغم أنني لا أتذكر الرواة إلا أن ما رووه ما يزال بشكل جزءا من وجداني لا يمكن أن أنساه ما حييت.

فيدعي أحدهم أنه أثناء عودته من الحقل متأخرًا قبيل العشاء لمح عينين صغيرتين تبرقان في إحدى قنوات الري الضيقة ثم سمع جلبة عالية ورأى الماء يتطاير في كل مكان فنزل عن حماره مسرعًا وطارد هذا القرموط الذي جاء كوجبة عشاء غير متوقعة له ولأسرته.

ويحكي كيف أن الإمساك به كان سهلاً علي غير المتوقع وكيف أنه وضعه في حجرة ثم قفز فوق حماره في خفة مسرعًا نحو البيت ليجد هناك أن القرموط اختفى وأن ما كان يحمله في حجرة ما هو إلا كتلة من الطين… ضاع العشاء وبقيت القصة لتسجل في تراث قحافة الذي لا يزول… وتتوالى القصص ثالثة فرابعة فخامسة ومن بين تلك القصص المتشعبة المتشابهة الأحداث تطل علينا هذه الواقعة المرعبة الفريدة من نوعها والتي يتفنن صاحبها في سردها فيظل الجميع ساهمين منصتين حتى ينتهي من سردها عند أذان المغرب فننصرف إلي الصلاة بين كبير شارد وصغير وَجِل.

فهذا أحد الكبار العقلاء الذين لا يشك أحد في نزاهتهم يحدثنا عن حقله القريب من مقابر قحافة وكيف أن جيرانه هناك قد حذروه مرارًا من جرأته الزائدة حيث قد تعود علي غير عاداتهم أن يروي حقله ليلاً فبرغم علمهم أن الري ليلاً أفضل بكثير حيث أن الري نهاراً يضعف النبات المتعرض لأشعة الشمس القاسية.. إلا أنهم آثروا السلامة وقنعوا بالقليل وآمنوا رغم أنهم لم يروا بما رواه آباؤهم وأجدادهم من خرافات رغم شكهم في صدقها إلا أنهم وجدوا أنفسهم مجبرين علي مغادرة حقولهم قبل أن ينسج الظلام أول خيوطه حول المكان.

يحكي جدنا من تلك الليلة التي تناول فيها عشاءه مع أبنائه الصغار واحتسى كوب الشاي الثقيل استعدادًا لليلة طويلة في حقله المحفوف بالمخاطر والأساطير وعند منتصف الليل تقريبًا امتطى حماره وتوجه في جرأة نحو حقله ترمقه عيون أهل قريته الساهرة بمزيج من الإعجاب والإشفاق، وهناك… تحت شجرة الصفصاف العتيقة عند طرف حقله نزل عن حماره ليبدأ مهمته الليلية التي تفرد بين الناس بالإقدام عليها.

ومنذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها رجلاه الحقل أحس بانقباض في صدره لم يعهده من قبل في هذا الصدر الشجاع وملأت الجو من حوله رائحة غريبة سرعان ما ذكرته برائحة الموتى..

ترى أهي مقبرة لم يحكم أهلوها إغلاقها علي فقيدهم العزيز؟!

أم أنها كالعادة ذئاب قحافة الجائعة التي طالما نبشت القبور المتهالكة فكشفت المستور واستباحت الحرمات؟

حتى حماره المطيع الهادئ لم يشهده بهذه الدرجة من النفور من قبل ؛ فهو لم يعد يستسلم كعادته لصاحبة الذي وجد مشقة كبيرة حتى تغلب عليه أخيرًا واستطاع أن يربطه إلي شجرة الصفصاف.

– اعتدل الشيخ في جلسته ثم أخذ نفسًا عميقًا وهو يخبرنا أنه طرد جزعه ولم يبال بكل ما حوله من علامات الاستفهام التي لا يجد لها أي إجابة.

ثم خلع جلبابه وألقاه بالقرب من حماره الذي ما زال يحاول جاهدًا قطع القيد الوثيق الذي يربطه بهذه الليلة الغامضة!

نزل بطلنا إلي قناة الماء العميقة وبعد مجهود كبير استطاع أن يصنع سدًا من الحشائش والطين ليحول مجرى المياه العنيف إلي أرضه ثم جلس بجوار حماره النافر وأشعل سيجارة محاولاً أن يتناسى برائحتها تلك الرائحة الكريهة التي سيطرت علي المكان ثم أشعل النار في بعض أغصان الصفصاف الجافة ليبث الطمأنينة في قلبه وقلب حماره الذي كان يرفع أذنيه بين حين وآخر ويقارب بينهما ثم يستدير فجأة ويرفس برجليه الخلفيتين كأن حمارًا آخر يحاول الهجوم عليه..

حاول ألا يستسلم لمخاوفه ثم قام ليطمئن علي المساحة المروية من حقله وظل يتتبع المياه حتى وصل للطرف الأخر من حقله ذلك الطرف البعيد الذي يطل علي المقابر…. ثم كانت المفاجأة!

توقف قليلاً ليطمئن أن المياه الوفيرة قد غمرت بقية الحقل. بينما كان يدير وجهه من حين لآخر فيختلس النظر إلي المقابر المتراصة خلفه في سكون مرعب وفجأة بدأت رائحة العفن تزداد بشكل ملحوظ لم تستطع رائحة سيجارته التي لم تفارق فمه أن تتغلب عليها.

بين حين وآخر كان يصغى لخرير المياه التي تملأ الشقوق العميقة وإلي نهيق حماره في الطرف الآخر من الحقل ذلك النهيق الذي ما يكاد ينتهي حتى يبدأ من جديد...

لم يكن يشغله نهيق الحمار المتواصل بقدر ما كان يطمئنه علي أن الحمار ما زال في مربطه

وبينما كان يسترق النظر إلي الممر الترابي الطويل الذي يفصل حقله عن المقابر… لفت نظره… شبح قادم نحوه من بعيد… يمشي ببطء فوق الطريق مثيرًا خلفه هالة من التراب القاتم أخفت معالم نصف القمر المعلق في السماء

تصلب شعره وكاد يخترق عمامته الملفوفة بإحكام حول رأسه وأخذ يرقب الشبح بعينيه الجاحظتين بينما تلاحقت أنفاسه عندما وجده يقترب نحوه شيئًا فشيئًا...

وقعت السيجارة من فمه وحاول أن يتمتم بما يحفظ من آيات الله لكنه من هول المفاجأة لم يعد يذكر منها شيئًا.

بدأت ملامح القادم تتضح شيئًا فشيئًا… أنها امرأة عجوز سوداء ذات شعر أبيض طويل ملبد يكاد يلامس الأرض كلما انحنت بظهرها المقوس لتدك الأرض بعصاها الغليظة الطويلة تجر خلفها جوالاً مربوطا بحبل إلي وسطها تفوح منه تلك الرائحة العفنة التي أصبحت أقوى من أن تحتمل

كاد قلبه يقفز من صدره حينما اقتربت منه وهي تزفر زفرات متلاحقة كمحتضر شارف علي الفناء...

تسمر مكانه ولم يعد يشعر بشيء من أعضائه بينما اقتربت منه وحدثته في صوت متقطع طالبة منه أن يساعدها في حمل هذا الجوال الذي أحضرت فيه طعامًا لأولادها الصغار...

وبلا أدنى إرادة منه قام كما طلبت وتوجه نحو الجوال فحمله رغم ثقله ورائحته العفنة وما يسيل من ثقوبه من مادة سائلة لم يعرف ما هي لكنه خمن أنها دم...

ثم مشى خلفها بينما ظل الجوال مشدودًا بالحبل إلي وسطها..

أخذت تجذبه خلفها في قسوة بالغة وعنفوان مفاجئ…. ودون إرادة منه تبعها وهي تقوده في ممرات المقابر المتعرجة حتى وصلت إلي صخرة عملاقة تقع وسط مقابر قحافة!

إنه يعرف تلك الصخرة جيدًا كما يعرفها جميع أهل قريته… إنها الملعونة!

هكذا يسمونها.. وكم نسجوا حولها من خرافات وأساطير!

؛ فبعضهم يدعي أن تحتها كنزًا فرعونيًا كبيرًا وأن من يحاول إخراجه تصيبه لعنة تنتهي به إلي الجنون ثم الموت بلا سبب معروف وكم من حالات جنون وموت واختفاء مباغت نسبت إلي هذه الملعونة!

وبعض الناس يؤكد أن تحت هذه الصخرة العملاقة وكر للشياطين ينشط ليلاً تحت جنح الظلام ثم ينتهي كل شيء عند الصباح

ويذكر آخرون أنهم في المرات القليلة التي اضطروا فيها لدفن موتاهم ليلاً عندما مروا بهذه الصخرة سمعوا أصوات صراخ وهمهمات غير مفهومة وأصوات استغاثة مستمرة تنبعث من تحت هذه الكتلة الصماء المحفوفة بالأسرار.. لكنهم هرولوا مسرعين في الابتعاد عنها رافضين الاستجابة أو حتى النظر إلي هذه الملعونة مكمن الخطر وموطن الهلاك

وجد نفسه فجأة منقادًا إلي هذه الصخرة رغمًا عنه ثم توقفت العجوز أمام الصخرة مباشرة وفكت الحبل المربوط بوسطها ثم تصلب شعرها فجأة كرماح مشرعة نحو السماء وأخذت تحملق فيه بعينيها الحمراوين اللامعتين ثم أخذت تدك الأرض بعصاها الغليظة وتصرخ بكلمات غير مفهومة استطاع بما تبقي له من عقل أن يفهم أنها كانت تنادى بها أبناءها.

نظر الشيخ حوله إلي الوجوه التي تحملق فيه منجذبين إلي حكايته التى سمعها الكثير منهم لكنهم لا يملون من تكرار سماعها بنفس القدر من الشغف

سأله أحدنا عما يذكره من كلمات تلك المرأة فذكر بعض هذه الكلمات غير المفهومة مثل ” شولة.. فولة.. كولة.. هولة.. ” وذكر لنا كيف أنه فجأة سمع ضجة رهيبة ورأى الصخرة تنشق ليخرج منها عدد كبير من المخلوقات الصغيرة المرعبة في حجم القرود لها أذيال معقوفة مثل أذيال الكلاب ولها أيضًا قرون كقرون الكباش وبعد خروجهم انغلقت الصخرة ثانية.. وأخذت هذه المخلوقات المرعبة تنقافز حول المسكين الذي ما زال متسمرًا في مكانه لا يستطيع حتى أن يلقي عن كاهله حمله الثقيل..

ظلت العجوز تردد كلماتها بصوت أعلى ” شولة.. فولة.. كولة.. هولة ” بينما ردد أبناؤها في طوافهم حول الضحية المستسلمة… ” أمنا الغولة… أمنا الغولة…. أمنا الغولة...”

ثم أنهم أمسكوا بالحبل الذي ما زال مربوطًا بالجوال المنتفخ وأخذوا يجذبونه بقسوة أثناء طوافهم فدار الرجل حول نفسه مستجيبًا لهم في طواعية لا مفر منها

ثم بدأوا يطعنونه بأظافرهم الحادة الطويلة التي تشبه الخناجر وهم يقتربون منه شيئًا فشيئًا ولولا عناية الله التي انقذته فجأة لكان في عداد الهالكين القدامى الذين رحلوا عن قريتنا في ظروف غامضة دون سابق إنذار

انطلقت فجأة حناجر المؤذنين تشق عنان السماء لتعلن عن ميلاد فجر جديد ولتنقذ المسكين من موت محقق كان علي مشارفة

كانت عبارات النداء الإلهي كطلقات نارية أطلقت علي هذه المخلوقات اللعينة ؛ فأخذت الأم تدور حول الصخرة وتبعها أبناؤها يتقافزون في جنون وينطحون الصخرة كأنهم يريدون شقها من جديد وهم يهتفون

أتأخرنا.. افتح افتح يا إبليس

أتأخرنا.. افتح افتح يا إبليس

بينما وجد نفسه يسقط مغشيًا عليه لهول ما رآه وسمعه ولكثرة ما نزفه من دماء وفي الصباح.. استفاق ليجد نفسه فوق حماره لا يعرف أين ولا إلي أين ولا من ذلك الذي يركب خلفه يمسك به بكل قوة خوفًا عليه من السقوط وهو في هذه الحالة التي يرثى لها.

وبعد يومين أو يزيد أفاق بعد شوط طويل من الهذيان ليجد نفسه فوق سرير نظيف في مستشفي الفيوم العام ثم تأمل وجوه أهل قريته من حوله وراقب عيونهم التي باتت ساهرة بجواره بين حيرة وخوف ورجاء

مضت الأيام ثم عاد أخيرًا إلي داره بعد أن التأمت جروحه الغائرة التي لم يعرف أحد حتى الآن سببها وفسر الأطباء انقطاعه عن الكلام فجأة بأنه صدمة عصبية عنيفة أما ظهره الذي تقوس وهو ما زال في ريعان شبابه فقد بقى سرًا من الأسرار الغامضة لم يفلح الطب أو السحر والشعوذة في فك طلاسمه وبعد عامين من اليأس باع أخوه ذلك الحقل المشئوم وذهب به لأداء فريضة الحج راجيًا من الله أن يتم علي أخيه نعمة الشفاء وقد كان ما أراد

يحكي الشيخ كيف أن لسانه انطلق فجأة بالتلبية أثناء طوافه حول الكعبة وكيف أن أخاه عاد به للقرية عودة القائد المنتصر الذي أنقذ أخاه بعد يأس من براثن الموت أخيرًا اعتدل الظهر ليعود لشبابه من جديد ونطق اللسان ليروى تلك الأسطورة العجيبة التي صدقها الكثيرون منا.

حكى لنا الرجل بعدها عن أخيه الذي أكد أنه في تلك الليلة الغامضة قد أيقظته زوجة أخيه الصارخة بطرقات متتالية قبيل الفجر لتخبره أن حماره أخيه قد عاد من الحقل إلي المنزل نافراً مقطوع الحبل وأنه وقف أمام بابهم ينهق بشكل غريب ويرفس في الهواء بلا داع تمكن الأخ من السيطرة علي الحمار النافر وسارا به إلي الحقل تبعته زوجة أخيه وبعض الجيران الذين استيقظوا بين صراخ ونهيق!

وهناك وجدوا أن الماء قد فاض عن حقل بطلنا المسكين وأغرق الحقول المجاورة وبحثوا عنه في الحقل مع أول خيوط الفجر دون جدوى ثم أن أحدهم لاحظ وجود أثر لدماء فوق الطريق فتتبعها الجميع ليجدوا المسكين مغشيًا عليه بجوار تلك الصخرة الملعونة… لكنهم لم يجدوا كما زعم أي أثر لشولة أو فولة أو هولة أو كولة أو حتى أمهم الغولة حتى الجوال الذي ادعى أنه مصدر الدماء التي تتبعوها لم يجدوا له أي أثر ولم يلاحظوا أي شق في هذه الصخرة التي كانت وما زالت كتلة واحدة ملساء

شمر الشيخ عن ساعدة ليرينا آثار الطعنات النافذة وأخبرنا أن جسده ما زال مملوءًا بهذه الآثار التي تركها أبناء الغولة في جسده للأبد دليلا علي صحة روايته

أخيرًا غابت الشمس وانفض مجلس الشيوخ لأداء الصلاة بينما بقى أحد الأطفال متسمرًا مكانه يخشى حتى أن يقوم فيدخل الخلاء بمفرده فقد أدرك فجأة أننا لسنا وحدنا في تلك الحياة.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.