أحمد فضل شبلول
اللوحة: الفنان الأكراني إيفان إيفازوفسكي
دعوا هوىً ضيَّعه الأحبابُ مذ ليل طويل
فاليوم خمرٌ .. وغدًا ..
كم ضيَّعتْ ضربةُ موجٍ جزرا
كم غيَّبتْ قطرةُ ماءٍ سفنا
فاليوم خمر .. وغدا ليس ببحر
والماءُ قد مسَّته نارُ القبح
ومثلما يعودُ حزنُ الثَّكْلِ مختارًا إلى قلبي
تعودُ قطرةُ الفنا الأولى إلى شريانِ هذا البحر
أنا الذي ضيعتُه
أنا الذي غيَّمتُ هذا الفجر
أنا الذي غرَّبتُ هذي الشمسَ عن شطِّي
ثم اقتنعتُ بالزَّبَد
رضيتُ بالنارِ التي سجَّرتها
رضيتُ بالدخانِ والغيوم
وما عرفتُ أن بحرَنا أُضيءَ ساعةَ العدم
فانتبهتْ كلُّ القبور
وأخرجتْ ما في بطونها
وما عرفتُ أنَّ موجَنا يحجُّ حجةً
عند اكتمالِ كلِّ بدرٍ في البحور
أو انَّ حزنَنا يطوفُ حول قبةِ السماء ساعة الأفول
رضيتُ بالمساءِ لي جراحا
وما رضيتُ بالصباحِ موطنا مُباحا
أنا الذي ضيعتُه
أنا الذي غيبتُه
فلا تعاندوا هوًى ضيعه الأحبابُ مذ ليلٍ طويل
بل عاتبوا صبًّا أضاعَ دربَ حبِّه
فأصبحَ الخمرُ هو اليوم
وأصبح اليومُ هو الخمر.