محمد عبد الرحمن شحاتة
اللوحة: الفنانة السعودية خديجة الزين
نَحيا كَمَا جِئنا مَعًا
وكغيمةٍ ضَحِكَتْ فذابَتْ
كُلَّمَا اقتَرَبَتْ
تَفِرُّ مِنَ المُواجَهَةِ ابتِغَاءَ مَحَبَّةٍ أُخرى
وتَرتَعِشُ احتِرَاقًا
كُلَّمَا قَرَأَتْ عيونُكِ في كِتابٍ
أو يُعانِقُها كِتَابُ
**
كَيَدٍ سَتَقطُفُ حُمرَةَ الوَردِ النَّدِيِّ
وتَنتَشي بالمَاءِ
يا مَاءَ العَطَاشى
مَن لظَمأى الحُبِّ؟
مَن للعابرينَ
إذا طَغى فينا الضَّبابُ؟
**
نَحنُ الَّذينَ تَوَرَّدَتْ أجفانُنا
مِنْ نَشوَةِ الدَّمعِ الشَّهيِّ
وَلَيسَ يوقِفُهُ اقتِرَابُ
**
وهناكَ يُرهِقُني المَسيرُ
كَأنَّما جَسَدي
سَحابٌ مُثقَلٌ بالغَيثِ
قُلتِ سَنَرتَدي بَردَ الشِّتاءِ عَبَاءةً
وَسَنَكتَفي بالقُربِ إنْ شِئنا
فَشَاءَ لَنَا الذَّهابُ
**
مَنْ يا تُرى..
يَعتادُ لُعبَ النَّردِ في المَقهَى
يُدَخِّنُ “شِيشَةَ” الأحزَانِ
يَنفُخُ ذكرياتِ الأمسِ مِنْ فَمِهِ
ويَجلِسُ مُستَعِدًّا للغِيابِ
كَأنَّما الدُّنيا غِيابُ؟
**
وكَذَلِكَ المَنفَى
يَبُوحُ بِمَا تَبُوحُ بهِ القَصيدةُ
كانَ لِي مَنفًى
وكُنتِ ليَ الحَنينَ
وكُنتِ نَبعًا
نَرتَوي مِنهُ إذا لاحَ السَّرابُ
**
لَيلًا
سَنَحتَرِفُ التَّسَكُّعَ فِي الدُّروبِ
ونَشتَري مِنْ بَاعةِ الوَردِ
البَنَفسَجَ
لَيسَ لِي في الحَرفِ
إلا غَايَةٌ كُبرَى
وأنتِ الغَايَةُ الكُبرى
إذا انكَشَفَ الحِجابُ
**
ماذا
إذا بَخِلَتْ حُرُوفُكِ
بالعِتابِ
فَمَن يُعاتِبُني
إذا انقَطَعَ العِتَابُ؟
**
وَجهُ الرَّصيفِ
كأيِّ بَيتٍ يَقتَفي أثرَ المَحَبَّةِ
في الوجوهِ
وما الوجُوهُ سوى ابتساماتٍ
وأحزانٍ
ودمعٍ ساخِنٍ
نَمشي ونَسمعُ وَقعَ خُطوتِنا
ويَبتَسِمُ التُّرابُ
**
لَمَّا طَغَتْ عيناكِ
آثَرنا التَّشَتُّتَ في البلادِ
وَما البلادُ
سوى القَصَائدِ حِينَ نَكتُبُها مَعًا
لَيسَ الغيابُ
يَحولُ ما بيني وبينَكِ
أو تُفَرِّقُنا بُحورٌ
أو هِضابُ
**
كَمْ ساعةٍ
نحتاجُ كَي نُحصي المَسَافاتِ البعيدةَ
كَي نَمُرَّ خلالَها
إنِّي العليلُ بِما سألتُ
وليسَ يُشفيني الجوابُ
**
يا أنتَ
وابتَسَمَتْ
وذَابَتْ مِثلَ قِطعَةِ سُكَّرٍ
واسوَدَّ وَجهُ الأرضِ
مِنْ أَثَرِ التَّلاشي
ثُمَّ أكمَلتُ المَسِيرَ مَعَ الغَمَامِ
وبينَ قَلبَينا ارتِجَافاتٌ
وصَحْراءٌ
وبَابُ
**
نَحيَا
وَنُقسِمُ أنَّما هذي الحَيَاةُ جَمِيلَةٌ
كَضَفِيرَةٍ للخَصرِ
تَنسَابُ انسِيابَ المَاءِ مِنْ دَمعِ السَّحابِ
فَقُمْ وأَمطِرْ يا سَحَابُ
**
سَيَذوبُ في فَمِنا الكَلامُ
ونَلتَقي في الصَّمتِ
تَعرِفُنا المَعاني
لا نَبوحُ
كأنَّ بَوحَ القَلبِ ذَنبٌ
لا يُكَفِّرُهُ المَتابُ!
**
ألَّفتُ بَينَ الغُربَتينِ
لِكَي نُصَافِحَ مَوطِنًا
فَعَلى سَبيلِ القَولِ
لا الحَصرِ
افتَرَقنا
كُلَّما مَرَّ اغتِرابٌ
كانَ يَستَشري اغتِرابُ
**
سَيَمُرُّ بَينَ أنامِلي
عُمري
وَيَنفَلِتُ الزَّمانُ
وأنتِ أنتِ
تُراودينَ الفَجرَ عَنْ بَعضِ الحَكَايا
والنُّجومِ
كأنَّكِ الأقمارُ يَتبَعُها
شَهابُ
**
وَكَأنَّني
لَمْ أنتَبهْ للوَقتِ
أهمَلتُ التَّقاويمَ القديمةَ
في يَدَيَّ
مَلَكتُ مِفتاحَ الدُّخولِ
إلى رِحابِكِ
حَيثُ لا تَفنى رِحابُ
**
وتَبَخَّرَتْ كالماءِ أحلامُ الطُفولَةِ
حينَ أرَّقَنا نَبيذُ الذِّكرياتِ
فَما سَكِرنا
إنَّما ابتَسَمَتْ طُقوسُ الحُبِّ في المرآةِ
والمرآةُ تُبصِرُ ما بِداخِلِنا
فَتَنكَشِفَ الثِّيابُ
**
لَمْ يَهدأِ الطُّوفانُ
أعدَدتُ السَّفينةَ للنَّجاةِ
وما نَجَوتُ
صَعدتُ كُلَّ جِبالِ رَوحِكِ
ما عُصِمتُ
وَغيضَ ماءُ العِشقِ
واستَعصى المآبُ