محمد عبد الرحمن شحاتة
اللوحة: الفنانة الأكرانية تاتيانا فيرستاك
-1-
لَهَا نَشوَةُ الوَجدِ
والكَأسِ
خَمرُ الحَياةِ
وبَرقُ العُيونْ
لَها دَندناتُ الفَراشِ
إذا مرَّ مِن ها هُنا
وبَعثرَ ألوانَهُ في جُنونْ
لَهَا ما يَخُطُّ المِدَادُ
بهذي السُّطورْ
لَهَا أنْ يَحُطَّ عَلَى كَتِفَيها النَّهارُ
وتَشرَبُ
مِنْ مُقلَتَيها الطُّيورْ
-2-
لَها يَسبَحُ الضَّوءُ فَوقَ العَنَاقيدِ
نَحمِلُ وَردَ الحَنينِ
وَنَركُضُ
بَينَ الجُسورِ كَعُشبٍ يُغَنِّي
يُدَندِنُ بالأُغنياتِ
وَيَعشَقُ آثَارَ أقدَامِنا
يُفَسِّرُ
أضغَاثَ أحلامِنا
يُأوِّلُ
مَا لا يُأوَّلُ مِنْ ذِكرياتِ الطفُولةِ
لَمْ تُلقِنا الرِّيحُ فَجرًا
كَأوراقِ لَبلابٍ
لا تُتقِنُ فَنَّ التَّسَلُّقِ
كي تُخبِرَ البَحرَ
أنَّ النوارِسَ عِشقٌ
وأنَّ اللآلئَ دَمعْ
وأنَّ الشَواطِئَ
حِينَ نَمُرُّ
لَهَا ألفُ عينٍ وَسَمعْ
وأنَّ وأنَّ وأنَّ..
تُرى إذْ يجنُّ الظلامُ
أيؤنسُني
بيتُ شِعرٍ وشَمعْ؟
-3-
إذا مَا رَسَمنا مَعًا
لَوحَةً فَوقَ وَجهِ السَّماءِ
وَزَغرَدَتِ الأرضُ مِنْ تَحتِنا
سَنَخلَعُ نَعلَ الغيَابِ
ونَدخُلُ رَوضَةَ مِحرابِنا
سَأجلِسُ يَومًا
عَلَى هامِشِ الكَونِ
أرصُدُ
زَيفَ المَرَايا
وَأرصُدُ وَجهي الَّذي يَكتَفي بالتَّبَسُّمِ تَارَةْ
وبالحُزنِ تَارَةْ
لعَلِّي
أُقيمُ صَلاةً عَلى
شَفَتَيكِ
وألمَحُ فِي مُقلَتي
مُقلَتَيكِ
-4-
لأشرِعَةِ الحُبِّ
تَجري العَواصِفُ
لِي
أوَّلُ الغَيثِ
لِي
أنْ أُحِبَّكِ حَتَّى أموتَ
وحَتَّى أعودَ مِنَ المَوتِ
لِي
أنْ أُقَبِّلَ ثَغرَكِ
لِي
أَنْ تُراوِدَني البَسَماتُ
وَلِي
خِفَّةُ الطَّيرِ
حينَ يُحَلِّقُ
ثُمَّ يَحُطُّ عَلَى قُبَّتينْ
وَلِي
شَهقَةُ الحُزنِ
حينَ يَفِيضُ الدُّمعُ
مِنَ المُقلَتَينْ
-5-
لَهَا رَقصَةُ الشَّمسِ
حينَ تَغيبُ
وحينَ نُلَوِّنُ فَنَّ الحَديثِ
وَنسرِدُ
نَعشَقُ رائِحةً في الجِدارِ القديمْ
وحينَ نَقولُ:
بإنَّ البَناتِ اللّواتي عَقَدنَ ضَفائِرَهُنَّ
رقيقاتٌ كالنَّسيمْ
وحينَ نُمَشِّطُ أحلامَنا في المساءِ
وتُفشي المَرايا
حنينَ العيونِ
فَتُخفي العيونُ
حنينَ المَرايا
وأسكنُ
في كلِّ شَيءٍ سِوايا!
-6-
لَهَا الشِّعرُ يَا صَاحِبي
والبُحورُ
وَلي صُدفَةُ الارتِجَالِ
وَلي وَمضَةُ القَافِيَةْ
لِيَحمِلَها مُرغَمًا
حَيثُ شَاءَتْ
ويُلقي بِيَ الشِّعرُ
فِي الهَاوِيَةْ!
لَهَا رَوعَةُ المَوجِ
دَهشَةُ
إيقاعِ “يَنِّي”
صَدَى الطَّارِقِ
لَهَا سَحبَةُ القَوسِ
أنَّى رَمَتْ
وَلِي
غمدَةُ السَّهمِ
فِي خَافِقِيْ.