هيام علي
اللوحة: الفنان الأميركي إدوارد هوبر
أشعر بشيء غامض يجثوا على صدري يمنعني من التنفس، الهواء يمر عبر أنفي بصعوبة بالغة بالكاد يبقيني على قيد الحياة وأنا أسير عبر هذا الممر الضيق.
لم تحديداً سرت فيه وفي هذا التوقيت بالذات؟!
شعور يعتريني صباح مساء حاولت التخلص منه ولكنه أبى أن يتركني، صاحبني طيلة حياتي حتى ألفته أو بمعنى أوضح أجبرت علية منذ ولادتي من رحم أمي المكلوم، عاتبت أمي مرات عديدة، لماذا أنجبتني، أخبرتني بإجابة مبهمه لأنه القدر يا ابنتي، سألت نفسي لماذا يفجعنا القدر إلى هذا الدرجة المحزنة؟
لماذا لم يترك لنا الخيار في ذلك؟
نأتي إلى هذه الدنيا أم لا، هذا حقنا أليس كذلك، كلمات حاورت بها نفسي كي تجاوبني وجدت صدى الحقيقة يصدمني ألست بمؤمنة؟
نعم أكيد.
لو كنت كذلك لما راودتك تلك الهواجس، إنها من الشيطان.
هنا استعذت من الشيطان ثم عاد لي إيماني من جديد، في هذه اللحظة ظهر أمامي بنفس هيأته التي تمنيتها طيلة حياتي، دعوت الله كثيراً أن يأتي ولو للحظات، وعندما عاد لي إيماني وفي نهاية هذا الممر الضيق رأيته شاخصا ببصره نحوي بابتسامة كلها حياة، مد يده كي يلتقط يدي قبل أن تتوه بين براثن الغي، فاقتربت شعرت بأنفاسه تمر عبر شراييني تمدني بالحياة، فزال عني ذاك الشيء الذي يجثم على صدري ثم رأيت الهواء يمر عبر أنفي فهدأ النبض، أجلسني وبدون أن أشعر وجدت الكلمات تخرج من فمي سريعة وغير منتظمة، هدأ من روعي وقال: أنا هنا جئت إليك من مكان بعيد سرت لأميال طويلة أتاني طيفك في منامي يخبرني عنك قال عنك الكثير وأنا أعلم جيداً بأنه مهما قال عنك فهو بالنسبة لك قليل لأجل هذا أتيتك مسرعا، قولي ولا تخافي، هنا شعرت باطمئنان غريب، هذا ما جعلني أقول: من أين أبدأ؟
من يوم ولدتك أمك، ابتسمت وبدأت أسرد له كل ما مر بي وهو يسمع دون ملل كلما توقفت أشار إلي كي أكمل حديثي، وعندما انتهيت رأيت إبتسامته تخفت خلف ضباب الحيرة وشعور يعتري جسده ثم وصل إلى قلبه فسمعت دقاته تدعوني للمزيد، هنا وضعت يدي على قلبة كي يطمئن، لا تخف سأظل هنا لآخر العمر، فأنت من أعطيتني الحياة فكيف لي أن أبتعد، رأيت ابتسامة خجل ممزوجة باستعطاف جميل بأن نظل على العهد.