ترجمة: مهدي النفري
اللوحة: من أعمال المترجم
يولد الشاعر في الشقوق
الجريمة،السرقة، العنف، القتل
في ركن غامض من العالم
ضمن أعظم اللعنات على الإطلاق لأفقر وأقسى أحياء المدينة،
تتسلل كلمات الشاعر إلى الشقوق وتحكم هناك لفترة من الوقت.
ثم من بين كل تلك الحقيقة
وعبر شقوق الشر والأكاذيب
يطلق الشاعر صرخة واحدة
وقلوب أخرى تضرب الموت.
يقيناً ان قلب الشاعر محكوم عليه بالفناء
***
بعضُ الأيام
كأنها اَلضَّيْف
وبعضها
كأنها المُضِيف
وأنا كل السنوات
كنت أحلم
بالدخان المتصاعد من المداخن
****
الآن
هو وقت حداد وطني
ليس من أجل موت ملك
لم نره قط
الآن
هو وقت حداد وطني
علينا جميعًا أن نطأطأ رؤوسنا إلى الأسفل
إلى قاع البحر حيث تعيش الزهرة
الحياة الخضراء للأطفال ما زلنا نعيشها في أعيننا
تم أخذهم جميعًا وقتلهم بطريقة سخيفة
بحق الآلهة
بحق الآلهة
يا لها من حياة رهيبة ستكون
طالما علينا أن نواصل عيشها
مع كل هؤلاء الأطفال الأذكياء
هؤلاء الأطفال الأصحاء
وهم يسيرون أمامنا
طوال العشر أيام الماضية
ظلت الأمهات تنادي أسماء أطفالهن
فقدن عقولهم
يطلبون منهم أن يبقوا على قيد الحياة
من أجل الرحمة،
تعال لترتفع مثل (سيم شونج)* في برعم اللوتس،
بينما الآباء تسمروا بين واقف وجالس
يصرخون في البحر قبالة (جيندو)**
ارتفعت موجة من الحزن
في كل ركن من أركان هذا البلد
كل شخص شٓعٌرٓ بالسخط
وقبضتيه مشدودة،
ليس الغضب فقط
ليس الحزن فحسب،
بل جلطة مختلطة من الدم الأسود
تتدحرجُ داخل كل ثدي.
هل قلت بلادي؟
أي نوع من البلاد هذه؟
أدرٓكنا مدى ضعفنا
ما نسميه الإنسانية أو العدل
في بلد كهذا،
رقم واحد في العالم في كذا وكذا
كان خارج رقم واحد في معدل الانتحار
رقم عشرة في العالم في كذا وكذا
كان اليأس يفوق الأرقام
هل قلت المجتمع؟
أي نوع من المجتمع هذا؟
لم يتبق زقاق واحد في أي مكان
حيث يعيش الناس معًا حَقًّا
هل قلت الثقة؟
ما هي الثقة التي لدينا؟
آثار الصداقة القديمة
التي وثقنا فيها بكل سرور
اختفت من كل طريق منحدر.
غالبًا ما يقال
لا يوجد شيء عام
حتى الخصوصية في هذا البلد
ليست كذلك
لا وجود لها
يمكن للخصوصية القائمة على أسس صحيحة وحدها أن تبرز ما هو عام
الخصوصية المقدسة كلها فاسدة الآن
الآن هو عصر الموت
فيه يتم الاستيلاء على السلطة واكتساب الثروة
بهذه الخصوصية
مرة أخرى
يجلسون اليوم في مواجهة البحر الجنوبي
بغض النظر عن عدد المرات التي يضربون فيها على الأرض بأيديهم
كل ما لديهم من كدمات ونزيف في راحة اليد
لن يأتوا أبداً راكضين
وجوههم مشرقة،
ومع ذلك ما زالوا يحدقون في بحر الصباح الفارغ
كان مستيقظا طوال الليل.
كيف يمكن أن يكون الوالدان وحيدان؟
كل الناس
كبارا وصغارا،
هم مثل العشب والأشجار في هذا البلد
ركزت أعينهم على الأخبار الحية
منذ اللحظة التي بدأ فيها الهيكل المحمّل بالميلان.
لقد أمضينا أيامًا في الرثاء
منذ أن غرق القارب
تاركاً طرف الحلق فقط مَرْئِيًّا
نشاهد كل خيانة للأمانة والفساد في هذا البلد
وحياتنا التي كُشفت واحدا تلو الآخر
في مواجهة كارثة تشبه الخيانة
مثل السرقة،
تساءلنا عما إذا كان هذا البلد هو حقا بلد؟
وأمام الضحايا،
قامت هذه الأعمال الوحشية والإجرامية،
تساءلنا
ما إذا كان هذا المجتمع يمكن أن يكون يومًا ما نظيفًا؟
تَائِبين
نسأل كم إنسان
كان إنساناً مع الأخريين؟
كان علينا أن نكون جاهلين
وأن نعرف
لماذا توجد كلمات مثل الروح والضمير؟
طفلي الحبيب
طفلي الحبيب
طفلي الحبيب
زهور اِخْضَرَّتْ
إذا صرخنا هكذا
فسيتعين علينا أن نسقط هناك
عُد إلى الصفر
ابدأ مرة أخرى، من واحد، اثنين.
أنت وأنا و
بلدنا، كل شيء،
يجب أن تحاول
خذ الخطوة الأولى مرة أخرى؟
ما يهدمُ الجشع ونموه السريع
ما دفعنا للجنون من خلال المنافسة غير المقيدة
التي تم تسميمها من قبل الأجيال في السلطة،
يجب إزالته واحدًا تلو الآخر،
بألم الكتابة على عظامنا
وأن مزق لحمنا
يجب أن يكون هناك مجد لعشرات الآلاف
بدلاً من الولائم لشخص واحد أو عشرة أشخاص فقط.
يجب ألا ننسى هذه الحادثة
دق مسمارًا فيها
لا ينبغي أن يكون شيئًا ليتم دفنه
بحلول هذا الخريف أو ربيع العام المقبل
يجب أن نحزن عليه لمائة عام
علينا بمناداة
تلك الزهور الميتة، تلك الخضروات الصغيرة،
أطفال دموعنا المرة على النسيان
لكن الآن،
آه
هذه الأرض غنية بالبكاء والنحيب
هذا البلد غني بالغضب
طفلي الحبيب
طفلي الحبيب
أطفالنا الأحباء.

كو أون شاعر وكاتب من كوريا الجنوبية ولد عام 1933. نُشرت قصائده الأولى عام 1958. بعد معاناة هائلة خلال الحرب الكورية أصبح راهبًا بُوذِيًّا. ثم عاد بعد سنوات قليلة إلى الكتابة. أصبح متحدثًا بارزًا في النضال من أجل الحرية والديمقراطية خلال السبعينيات والثمانينيات وتم اعتقاله وسجنه. نشر أكثر من 120 مجلداً من القصائد والمقالات. ترجمت مختارات من أعماله إلى لغات عديدة.
مهدي النفري شاعر ومترجم وفنان تشكيلي عراقي يقيم في هولندا، صدرت له عدة مجموعات شعرية منها: «تلك أسئلةٌ دوّنتها الأحذيةُ والشوارعُ»، «لا تأمن الدهشة وأنت ضرير»، «المطر أيضًا غابة»، «كلب أخرس»، «ريح تتظاهر بالنوم»، «عصفور النهر»، «لعله يُشبه النمل»، «لُهاث قطار ينامُ فيهِ غرْقى». وفي الترجمة: «مختارات من الشعر الهولندي»، «مختارات من الأدب الهولندي»، «من سأكون – أشعار للفيلسوف الإغريقي أمبيدوكلس».
