عن رحيل الشاعر الإيراني أحمد رضا أحمدي 

عن رحيل الشاعر الإيراني أحمد رضا أحمدي 

حانة الشعراء

اللوحة: للشاعر والرسام الراحل أحمد رضا أحمدي 

بلا لغةٍ.. 

وبلكنةٍ أخرى أحياناً، 

بعد أن ارتدى ثيابه 

دعانا الموت! 

كما لا يشبه أي رحيل، يترجل الشعراء، تاركين لنا دنان اللوعة نملؤها حزنا تلو حزن! وهكذا، واحدا تلو الآخر يحملون ورود البيلسان، ويحفرون أنفاقهم الخاصة تحت الأرض؛ لعلهم يجدون جنانهم المشتهاة.

ذات خريف 

وفي خاتمة أمسية عالقة بورد البيلسان

حفرنا نفقا 

تسللنا من خلاله الى أعماق الأرض

رأيناكِ واقفة 

في آخر محطة

تسألين عن أوقات انطلاق القطارات 

المتجهة الى الجنة

وكانت الإجابات 

تتبخّر تحت الأرض. 

منذ أيام فارق دنيانا الشاعر الرسام، والكاتب المسرحي الإيراني أحمد رضا أحمدي عن عمر يناهز الثالثة والثمانين، بعد مصارعة شديدة مع المرض.

ويعتبر أحمدي من أهم الشعراء الحداثيين، فهو مؤسس أسلوب الشعر الإيراني الحديث «موجه نو» (الموجة الجديدة) التي ظهرت في ستينيات القرن الماضي، وكانت السمة البارزة لهذا التيار الشعري الجديد ميوله نحو النثر وتحرره من كل أشكال الوزن والموسيقى الشعرية، وهو ما كان له عظيم الأثر في مسار الشعر الفارسي، ويعتبر أحمدي أهم من أدخل الحداثة إلى الثقافة الإيرانية في الأدب والفن والمسرح.

وقد ترك أحمدي إرثا أدبيا متنوعا بين الشعر والقصة والمسرحية والرواية، بالإضافة لأدب الطفل، ومن مجموعاته الشعرية: «كل تلك الأعوام – الأسفار الخمسة – الصحف الزجاجية – زمن المصائب الجميل – فقط بكيتُ بياض الحصان – ألف درجة سلم نحو البحر – بقعة من العمر على الحائط – للثمار مذاق مكرر» وترجمت أعماله للألمانية والعربية واليابانية والفرنسية والإسبانية وغيرها.

من قصائد الشاعر.. ترجمها عن الفارسية محمد الأمين:

الخريف

الخريف تائه خلف أغان منسية.

كان الليل من قماشة الصيف

والحزن عربة ثقيلة تجتاز الصيف

وكان ثمة هاجس يخاطب الربيع:

أعشقكَ في السهول والوديان والبراري.

أما اللحظة المهجورة 

فقد كانت تطلق أسماء شتى على النهار 

وتصير في كفيَّ بحرا

وكان الظامئون يلهجون باسمي تحت الشمس

وفي عمق الأحياء والأزقة.

كان النهار حجارة

وكنت أتعلم منكِ شفافية السهو

وكلما نظرتُ الى أعماقي 

كان ثمة قارب غريق

رماد كل صيف في يدي

لكنني لم أعلم أن الموت رمادي.

فقط

لا تذبل الأيام وحدها على قارعة الشوارع

فثمة الجدار والهدوء الذي يمنحنا الصمت.

***

قطرة قطرة نهرم

وأحيانا نطيل النظر في المرآة

حيث النضارة والنشاط.

*** 

بقعة من العمر على الحائط

وتوارت!

كنا نولَدُ..

لنرى الأنهار تنبع من ألبوم الصور 

وتصب في الصحراء

وحينما ولدت قطرات عرق على جبيني

أدركت أن العمر قد شارف على نهايته

وأن نسوة يندبن حالي منذ الآن.


الشاعر الراحل أحمد رضا أحمدي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.