اللوحة: الفنان المصري فاروق حسني
د. امحمد امحور

في مساء البدر المفتقد
أظل أرمم نتوءات وفجوات
عمر مديد.
أيمم شطر الذكريات
لأقتبس نار جمر أكمد به
معارج الروح.
لا أنبس ببنت شفة
وأنا أصوب البوصلة
ذات اليمين
لعلي أظفر بمعروف جميل.
تسعفني العبارة.
أتوسد الأماني العريضة
ألوكها بين الفك والحنك.
تتبدى البلاغة ناصعة في غبش الروح.
أستجمع قواي لأرصع مجازات موغلة في القدم.
تغمرني العبرات.
تعجز أمي الغارقة في سديم الروح
عن نسج أحلام طفولتي
العرجى.
تصر على تفقد الصوى
لما تبقى من فلوات
عاندت الضباب الكثيف
كل فجر.
تأبى أن ترغم الضباب على أن يرجع بخفي حنين
فوحده الضباب مضمخا بغبش الليل
يوقظ في أوصالي ما تبقى من نخوة أبي
وضحكة أختي الصغيرة إبان صرخة
أخي الصغير الأولى.
في الصباح الفاضح للضحكة اليتيمة
أربط الاتصال بالضفة الأخرى.
لا أجد رجع الصدى
أرجئ المكالمة إلى أجل مسمى.
أخاف النبش في الماضي البعيدة.
لأن سجيتي تحبس علي الأنفاس وتجبرني على عزف موال طويل من نتف.
أصبحت أثرا بعد عين.
أدون على جريد القلب مسودة هلوسات
ومس جنون استوطن سويداء الضجر.
في الصباح البارد أستعيد تراتيل أخي.
أحاول أن أنسج على منوالها.
يسعفني الجرح الغائر
ولا تنقاد لي ناصية الترتيل.
وحدها تعويذة أمي
تقرع حائط إسمنت
لا تنبعث منه رائحة الطين المبلل بالتراب.
وفي الليل الموالي
أسرع الخطو لعلي أرشف
من الطين المبلل.
أعود محملا برواسب الماضي الدفين
أعجز عن رتق فجوات الخلد المبعثر.
وحدها أمي تدبلج ثغور أبي الملحمية.