اللوحة:الفنان المغربي عمر كوران
سليم الشيخلي
قمامة
انحنت على النفايات تفرز ما تشاء، وتفتح بوابة، فجاء سؤالي امتداداً مشرعاً: عم تبحثين والرائحة قاتلة
– ما تيسر مما يتركه آخرون.. قالت دون ان توقف أصابعها من العبث المنظم ملتقطة علباُ وقطع بلاستيك، قطع خبز لم تمر عليها سنابك. أعطيتها ما أملك وعدت مخبراً زوجتي بضياعها.
بعد شهر أخبرتها الحقيقة.. فلسفة ليس لها من داع، ألم نبحث ذاك اليوم عن خبز من الجيران؟ صمتنا آسفين كل على موقفه.
حياد
تردد في أن يمسك يدها فتفز كقطاة، وتهرب كأيل وحشي. تردد أن لا.. فترسمه في سلة المهملات، ثبت عويناته من جديد وابتسم بحيرة.
أنابيب
عندما احتله الإدراك، اكتشف أن مدينته سافلة جدا، تاه في زحامها بهدوء مخبئا كتابا وموجة في قرارة دهاليزه، سلاسلا كالطحالب. التفت حوله لينزع قميص المغامرة تاركا همسات زوارق ليلية تسير دون اتجاه، وغيمة تؤثث ذاكرته بنفس القش القديم ولغة الضباب المالحة، دخل صومعته صافقا الباب بشدة.
حوائيات
حاولت أن تبدل قلمها سلاحا؛ فلم تجد مكانا للحبر. حشت قلمها رصاصا، ومارست طقوس كتابتها في محرابها الجديد.
سومرية
التصقا بروح واحدة تحت جنح سدرة عتيقة، جمعا الأمل ضفيرة علقاها أيقونة عند الباب، مفخخة حمقاء رسمتهم ملصقا لقصة حب سومرية على جدران المدينة.
وأفهم علناً
تعبر النوارس للضفة الأخرى برشاقة، دون اكتراث لفتاة موثقة اليدين قابعة بقعر النهر.
انسجام
أحبته برقة الندى, أحبها بعنف عاصفة, داعبها برجولة دافئة فاستجابت قافلة فراشات نحو شمس شتائية.. بعد خمسين عاما، لم يبك رحيلها خلسة؛ لأنها أفقدته الذاكرة.
شبكة
” يبوووه…” خدشت الليل بأنوثتها.. ثلاث طلقات أخرست الليل إلى الأبد.
قانون أزلي
لم تأتي بعد، طوقته الظنون شكاً يجلده، لينعتها صفعاً. ذات عقود أدرك أن القبيلة صدمتها فاغتالت اللقاء!
بين الحلم والساحل
طاول النجم فصاغ قلادتها, فرش القمر عشاً لحمامتيها, استل نورا من الغابات، شده على خصرها
وغطى الباقي رف فراشات.. قالت عينيها: لو توقف الزمن!
فوق السحاب
رسمت هيئتها الجديدة على مرآة مشروخة، رسمت بعلاَ غنياً كالسواقي على علاقة الملابس، لونت الحلم بالورد والسفر على ضوء جسدها الفينوسي، لم تصل الهدف.. وضعت قناعاً وشربت الشوارع.
ما قتل
بإصبعين سحب سيكارة.. بإصبعين رشفت قهوتها.. تعانقت النظرات بحيرات لونية فانحدرت قطراً بللهما. مد يديه على كتفها، يمامة اتكأت صدره:
– أحبك.
زفرت فراشات عطرته مسك أنثى
– أحبك.
مدت شعرها غيمة دون أفق فراح يخب منتشياً.
– أحبك.
أحس أجنحة تأخذه للبعيد، بكت عليه كثيراُ.
الرسم على ماء جار
بين عينيها مسافة خضراء، حفيفها غابة نور من وجد، شلالها خيمة مغناج، رحيقها غابة شعر أندلسي لم تصنع إلا بخياله، بحث عنها في الأساطير، الشوارع، بيوت الشعر، استقرت بخياله طويلا، مارس حياته جفافاً بأطفال يخربشون جدران ذاكرته.
ذات خريف وقفت أمامه تمد له شيكاً ليدخله حسابها، انعقد لسانه وألتفت وراءً دون أن يرى شيء.
poetspub.com 