اللوحة: الفنانة الكويتية سوزان بشناق

تأملت في هذين الحديثين؛ الأول: يخطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس ويقول: (إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا)، ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، وقَالَ: «حدَّثَني فَصدقَني، وإنَّ فاطمَةَ بنتَ محمَّدٍ بَضعةٌ منِّي، وأَنا أَكْرَهُ أن تفتِنوها، وإنَّها واللَّهِ لا تجتَمعُ بنتُ رسولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عدوِّ اللَّهِ عندَ رجلٍ واحِدٍ أبدًا».

في هذا الحديث يرفض النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج علي بن أبي طالب زوجة أخرى على فاطمة، وفي الحديث الثاني؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».

في هذا الحديث؛ يعلن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ فاطمة مثل الناس. 

هذان الحديثان يتماشيان في رأيي مع المسطرة القرآنية ولا يتناقضان ولا يتعارضان، ولكني لا أسير مع من قال بأنَّ رفْض الزواج الثاني كان خُصوصية للرسول، وهل عندما نزلت سور الطلاق والتحريم والنور والأحزاب في القرآن الكريم؛ وتحدثوا عن نساء وبيت النبي؛ هل قال أحد أنَّ ما فيهم خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم!

الرسول يؤكد أنَّ التعدد يضر بابنته ويَفتنها في دينها، فهل التعدد يَفتن في الدين ابنة الرسول فقط أم كل النساء؟ الحديث رائع وواضح ويلقي الضوء على مشهد من السيرة نحن في حاجة إليه، فهنالك تطورات غريبة أقحمت في النفسية المسلمة وتَختفي وراءها الذكورية، ومن هذه التطورات اليقين الذي يَرسخ في النفوس؛ بأنَّ التعدد هو مزيد تدين وتَطبيق للسنة النبوية وللأمر الإلهي وتَعَبُّد بتنفيذ الأوامر، وتنتشر الصور التي تظهر فيها أربعة فتيات ساذجات يُطالبن بالتعدد لإنقاذ الجنس الناعم، وكأن الجنس الخشن يرتع في الفائض الغامر من عدد النساء في الأرض، وهذه النفسية الذكورية لا تقتصر على المسلمين؛ بل هي ديدن وسبيل الناس في كل الأديان منذ بدء الخليقة.

تعدد الزوجات مثل الطلاق.. رخصة لضرورة.. وليس سنَّة نبوية.

• مقالات