د. عز الدين جلاوجي
اللوحة: الفنان الفلسطيني كامل المغني
العروس
يعصرك الحزن، يسحق قلبك بحوافره البهيمية، يلف حول رقبتك سلكا معدنيا ثخينا، يفترس قلبك، تطلين من النافذة، من الباب، تتسارع أنفاسك، يتصبب عرقك، تهمين بنزع السقف، بإسقاط الجدران، تحسين بالقيء موجا عاتيا يدهم كل أحشائك.
كل ما حضرتيه من كعك وكل ما نضدتيه من فواكه وحلوى، غدا أمامك أكواما من الحجارة المتربة.. كل ما تتحلين به من جواهر وذهب، غدا أمام ناظريك حديدا صدئا، كل ما تلبسينه من حرير وديباج غدا أسمالا رثة، وتزداد دقات قلبك كلما تسارعت دقات الساعة، خُطاب ابنتك البكر ينتظرون، ليس مع النسوة سوى أمك التي قوس الدهر ظهرها، ولا مع الرجال سوى بكرك الذي لم يتجاوز الخامسة عشر، لكنه لم يأت!
ينتهي إلى سمعك صوت نحيب مكتوم، تطلين من الباب كانت ابنتك العروس في أثوابها الزاهية، تركن إلى زاوية الحجرة، تغرس رأسها بين ركبتيها، تنتحب.
وتنفجرين بكاء، تغرسين رأسك بين ركبتيك، ينبهك صغيرك إلى مجيء والده، تزداد دقات قلبك وتتمتمين: اللهم استر، اللهم لا تفضحنا، وتندفعين إلى الباب، تفتحينه، يتأملك لحظات ثم يسقط على صدرك ثملا، وتسقطين أرضا تدور عيناك، تدور بك الأرض، تتيبس أعضاؤك، تغيبين عن الحياة.
حين فتحت عينيك من الغد كانت أنابيب المصل تطوقك كشبكة عنكبوت، وعيون عشرة ترقبك في حزن دامع، تتأملين ابنتك العروس وقد تجردت من زينتها للمرة العاشرة وتعودين لإغماءتك.
الناقصة
أخبرتهم حين جمعتهم إليها أنه قادم إليهم، وأن الملوك إذا دخلوها أفسدوها وأذلوها، وأخبرتهم أنها لن تبت الحبل إلا معهم.
مال أحدهم على جاره نجيا وقال:
– نورها في عينيها!
قال جاره وعلى شفتيه لعاب:
– وعلى صدرها تفاح ورمان!
مال أثخنهم حتى لامس رأسه الأرض، نظر إلى أسفلها وقال:
– لها نخلتان عن يمين وشمال، بينهما زرع وطلع نضيد، وماء جديد.
انفجروا جميعا ضاحكين فرفع رابعهم رأسه وقال:
– أما رأسها فناقص!
وتنابحوا حتى جزوه، ثم اقتسموا ما تبقى بينهم: فم، ساقان، أنف وفخذان، صدر وخدان، بطن وعينان، وحين استووا على عرش البطن دب في أوصالهم فساد الملك وذله.