اللوحة: الفنان الإيطالي فينتشينزو كامبي
عبدالناصر عليوي العبيدي

لا الطبخُ يَشغلُني أو كانَ يَعنيني
لكنَّها صدفةٌ مرّتْ بها عيني
شاهدتُ صفحةَ طبَّاخِ فأذْهلَنِي
قد باتَ أتْبَاعُهُ كالرُّزِ في الصينِ
أدركتُ أنَّ فنونَ الطبخِ معجزةٌ
لأمَّةٍ هَمُّها حشوُ المصارينِ
إنَّ الكُرُوشَ إذا دَلّلتَهَا كَبُرَتْ
يصيرُ صاحبُها مثلَ السلاطينِ
هي الوسيلةُ كي تَرْقَى بنهضتِها
تحرّرُ القدسَ من أنيابِ تنِّينِ
ثُمَّ انتقلتُ إلى أُستاذِ فلسفةٍ
مازالَ ملتزماً بالعُرْفِ والدّينِ
حروفهُ صَدِئَتْ، ما مرَّها أحدٌ
إلاّ إذا خطأً، بعضَ الأحايينِ
فالفكرُ معضلةٌ والناسُ ترهبُها
ما راقَ مَسْلَكُها إلاّ لمِسْكِينِ
فَعُدتُ مدَّكِراً مِنْ همِّ هندسةٍ
إذْ مَسَّنِي هَوَسٌ مِثلَ المجانينِ
حتى تَخَرَّجتُ باتَ الكونُ يَغبِطُنِي
أمضيتُ عُمْرِيَ بينَ الوحلِ والطينِ
أَتْبَعتُهَا في بحورِ الشعرٍ منشغلاً
كي أَنحَتَ الحرفَ طِبْقاً للموازينِ
ما فَادَنِي الشعرُ حتى لو مُعَلَّقةً
كتبتُها في مدادٍ من شراييني
فالشعرُ يحلو إذا تتلوهُ فاتنةٌ
حتى وإنْ تُبْدِلَ الثاءاتِ بالسينِ
ما أجملَ الضَّمَ للكسراتِ تَرفعُها
وفتحةً زيَّنَتْ صدرَ الفساتينِ
أنْ تَكْسِرَ الوزنَ مغفورٌ لها سلفاً
هيَ التي، جَبَرتْ كَسْرَ الملايينِ