اللوحة: الفنان الفرنسي نصر الدين ديني
عبدالناصر عليوي العبيدي

زَمَنٌ عجيبٌ أفْسَدَتْهُ وحوشُ
لا لنْ يحيدَ عن العُلا البطُّوشُ
أفضالُهمْ مثلُ الجبالِ عظيمةٌ
وطريقُهُمْ بعطائِهمْ مَفْرُوشُ
قومٌ لقد لَزِمَ الحَصَافَةَ جُلُّهُمْ
حتى وإنْ بعضُ الشبابِ يَهُوشُ
فالشّمْسُ لا تُخْفى بإِصْبَعِ حَاسِدٍ
ما نالَ من قَدرِ الكرامِ فَشُوشُ
صَفْوُ الأَكَارِمِ مِن سُلالةِ يَعْرُبٍ
ما شَابَهمْ نَغِلٌ ولا مَغْشُوشُ
سبأٌ كتابُ اللِه أوردَ ذكرَهُ
في آيةٍ مِنْهَا الْوَرَى مَدْهُوشُ
من حميرِ العَرْبَاءِ أربابُ العُلا
قامتْ لهمْ في المَشرِقَينِ عُرُوشُ
تاريخُهمْ مِثْلُ الكواكبِ ساطعٌ
فعلى الأوابدِ أثْبَتَتْهُ نُقُوشُ
وبَنُو قُضَاعَةَ للعروبةِ مَحْتِدٌ
للمجدِ من كلِّ الجهاتِ تحوشُ
وبنو العُبَيدِ إذا تجهَّزَ فَرْدُهُمْ
ذُعِرَتْ إذا حُمَّ اللِقَاءُ جيوشُ
فأبو بَصِيرٍ بالمكارمِ خَصَّهُمْ
أُسُسٌ لهُمْ قد رُسِّخَتْ وشُرُوشُ
فالفُرْسُ تَعرِفُ من قَدِيمٍ بأسَهُمْ
فرِحوا كثيراً إذْ غَزَاهُمْ (بُوشُ)
إنْ أَوعَدُوا أوفَوْا وتَمَّ وَعِيدُهُم
ما فاتَ جُزْءٌ أو تَفُوتُ رُتُوشُ
قومٌ إذا نَزَلَ الضّيوفُ تَهلّلُوا
طبعُ الكريمِ مع الضيوفِ بَشُوشُ
والماجداتُ من النساءِ أصَائِلٌ
لمْ يُغْرِهُنّ هَجَائِنٌ وجُحُوشُ
لا تَعجَبَنَّ إِذا رأَيتُمْ حُرَّةً
قَبْلَ الرجالِ إلى السّموِّ تَنُوشُ
في فِكرِها كلَّ الخلائقِ أَبْهْرَتْ
ما عَابَها أنَّ اسْمَهَا عَيُّوشُ
لمْ يكْتَرِثْنَ إذا تَبَاهَتْ عَنْزَةٌ
إنجازُها بينَ الورى الفَتُّوشُ
وبعقلِهَا المأفُونِ يوماً فكَّرَتْ
أنَّ الحضارةَ شعرُها المنكوشُ
والماجداتُ زمانُهُنَّ قد انقَضَى
حَازتْ على كلِّ المَكَارمِ (شُوشُو)
قومٌ يَعِزُّ الجارُ إنْ همْ جاوروا
لهمُ احتِرَاماً يُرْفَعُ الطَّرْبُوشُ
لا تَحسَبوا إذْما خَصَصْتُ قَبِيلَةً
لأقولَ أنَّ الآخرينَ وُخُوشُ
فالعربُ في نبضِ الفؤادِ جَميعُهُمْ
هُمْ للعيونِ مَكاحلٌ ورُمُوشُ
*أبو بصير: الاعشى قال فيهم (بنو الشهر الحرام فلست منهم .. ولست من الكرام بنو العبيد)
*وُخُوش: مصدر وَخُشَ وَخُشَ الشيءُ: رَذُلَ وصار رديئًا
*ينوش. ناش الشّيءَ: تناوله وأخذه
*مأفون. ناقص العقل، ضعيف الرَّأي لا تصدر عنه حكمةٌ ولا واقعيّةٌ ولا حزم، غبيّ.