ترجمة: عبد الجليل لعميري
اللوحة: الفنان الإنجليزي هنري توماس الكين
جان بول سارتر مارس الملاكمة وعلمها لتلاميذه. ريمون آرون لمع في التنس؛ صنف في درجة جيدة أيام شبابه، وكان واعدا في مسيرته الرياضية.
رياضتان للمواجهة والمبارزة الملحمية. لكن اسلوبهما المختلف يجسد -تماما- الاختلاف في عالم الأفكار داخل الواقع.
من جهة عنف أفعال الكلام ومن جهة اخرى استراتيجية الضربة القاضية.
فسارتر يفضل الالتحام جسدا لجسد. مؤلف (الإنسان والعدم) يواجه الأفكار المخالفة له بضربات ملاكم ويعتبر خصومه أعداء ايديولوجيين وجب إسقاطهم. مورياك، كامو، باتاي أو الان روب جرييه دفعوا ضريبة هذه الرغبة العارمة في الإبادة. (عندما يريد أن يؤذي تتواصل الضربات ويتحقق التأديب العنيف) حسب جان كو
في حين طعم التبادل واستراتيجية التخطيط، تجعل من التنس رياضة ذات مظهر متحضر، عليك مراقبة الآخر والتكيف مع لعبه، والمحافظة على المسافة الضرورية قبل الصعود إلى الشبكة. تطوير حوار قبل ضربة الحسم. وجعل بصرك يتابع واقع سرعة حركة تتجاوز كرة صغيرة صفراء.
في كتاب (شجاعة العدمية) يحكي جان بيرنباوم مفاجأة حنا آرند أمام ريمون آرون (دافئ وحميمي في تعامله معي لدرجة اني لا أستطيع قول ذلك إلا همسا).على الرغم من الخلافات الصريحة قرأ آرون وناقش عمله في وقت كان الحوار مستحيلا مع سارتر وآخرين لغرقهم في نظرياتهم.
هذان المفهومان الثقافيان الحلبة (الملاكمة) او الساحة (ملعب التنس) يخترقان الحقب التاريخية. استنكرت العديد من المقالات الحديثة المعاملة الوحشية التي يتسم بها النقاش حول الأفكار في عصر وسائل التواصل الاجتماعي. برموز قليلة يمكنك بسهولة اغتيال الكلمة أكثر من بناء التواصل. ويمكن أن نشعر بالقلق، ونرى أنه إضعاف لهذه الروح العامة التي بدونها لا توجد ديمقراطية سليمة. ولكن يمكننا أيضًا اكتشاف عودة المشاعر كما كانت دائمًا عبر دورات حسب العلوم الإنسانية.
إنهم يشهدون على ظهور نماذج جديدة، تسعى إلى إيجاد مكان لها في العنف والراديكالية، في المساواة، والبيئة، والاقتصاد، والعلاقات والتمزق بين الفئات الاجتماعية.
لا يوجد شيء أثير في عالم الأفكار. إنه عالم بشري محموم وتكتيكي بلعبة المواقف. إذا تعارضت الأفكار، فذلك لأن المفكرين لا يسعون فقط إلى فهم العالم، ولكن أيضًا الى تحسينه: لجعله أكثر عدلاً وأكثر أمانًا أو كرما.
بدلاً من الشكوى، دعونا نلقي نظرة على حججهم المتباينة وتكتيكاتهم وصدقهم. هذا هو التحدي الذي وضعه فريق التحرير في مجلة (العلوم الانسانية) لأنفسهم هذا الشهر، حيث، حكاية صغيرة، وضعت مصادفة سعيدة لعشاق الملاكمة والتنس الذين تمكنوا من العمل كفريق واحد.
Sciences Humaines
Mensuel N° 340 – Octobre 2021