يا صَاحِبِي

يا صَاحِبِي

اللوحة: الفنان السوري سمعان خوام

ماهر باكير دلاش

يا صَاحِبِي، عِشْنَا وَرَأَيْنَا الْعَجَبَ

فَدَعْ مَا تَوَلَّى وَاتْبَعْ مَنْ أَسْعَدَكْ

الدُّنْيَا لَيْسَتْ كُلُّ أَيَّامِهَا ضَنَكْ

فَاسْعَ فِيهَا بِرِضًى كَأَنَّهَا مَرْتَعَكْ

الرِّيحُ يُرْضِعُهَا الغَيْمُ إِنْ عَطِشَتْ

والغَيْمُ سَيَقْطُرُ رَهْلًا كَأَنَّهُ الدُّنْيَا مَلَكْ

فَلَا تَرْتَشِفُ مِنَ الأَحْلَامِ آمَالًا

فَالأَحْلَامُ في النَّوْمِ لنْ تَسْمَعَكْ

أَلَيسَتْ نَفْسُ الْفَتَى إلَى زَوَالِ

عَاشَ طَوِيلًا في الدُّنْيَا أَمْ هَلَكْ

وَالْحَيَاةُ يَومًا سَتُسْدِلُ سَتَائرَ

هَا، الْتَزَمَ الْمَرْءُ فِيهَا أُمَّ تَرَكْ

فَارْتَجِ مِنَ الْفَجْرِ الضَّحُوكِ

نَدَاهُ، وَلَا تَشْكُ نَدَاهُ أَنَّكْ

القَمَرُ يَوْمًا سيَكْتَمِلُ بَدْرًا

فأرح اليَوْمَ مِنَ الهَمِّ قَلْبَكْ

وَالحَيَاةُ عندئذ ستصرخ مُنَادِيَةً:

يَا مُضْطَرِبَ النَّفْسِ وَيْحَكْ

***

الْكَرِيمُ إِنْ نَادَيْتَهُ قَالَ نَعَمْ

واللَّئيمُ إِنْ نَادَيْتَهُ صَدَّكْ

وَإِن بَسَطْتَ لِلَئيمِ كَفًّاً سَمْحَةً

رَدَّ مَا بَالُكَ أَفْرَغْتَ كَفَّكْ

وإِنْ ذُكِرْتَ لِلْكَرِيمِ قَالَ مَدْحَاً

وَإِنْ ذُكِرْتَ يَوْمًا لِلَئيمِ ذَمَّكْ

فَاخْتَرْ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَخْبَرَكَ

أَصْلُهُ وَبَينَ الخَلَائقِ بِالخَيرِ ذَكَرَكْ

فَيَا طَيِّبَ الأَصْلِ إِنْ كنت تَذْ

كُرُنِي، فَعَلَيكَ السَّلَامُ وَمَنْ مَعَكْ

وَيَا نَافِخَ الكِيرِ إِنْ كُنْتَ تَذْ

كُرُنِي، هَلْ أَمِنْتَ لَحْظَةً مُنْتَظَرَكْ

***

إنْ قُلْتَ الشِّعْرَ يَوْمًا فَاعْلَمْ

أَنَّهُ قَوْلٌ لا بُدَّ أَنْ يَتْبَعَكْ

بَعْضُ الشِّعْرِ خَيْرٌ وَفِسْقٌ بَعْ

ضَهُ ،قَبْلَ الْقَوْلِ اسْأَلْ فَمَكْ

فَإِنْ صَدَّكَ الْفَمُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ

الَلَّهَ لِحِكْمَةٍ عَنْ قَوْلِهِ أَبْعَدَكْ

وَارْجُ مِنَ الْفَجْرِ الجَمِيلِ أَمَلًا

أَمْ أَنَّ الْفَجْرَ فُلْكًا أَتَى كَيْ يَتْبَعَكْ؟

***

بَدَا اللَّيْلُ فَكُنْتَ في دَهَشٍ

أَأَنْتَ لِلْكَوْنِ مَدَارٌ، مَا أَظْلَمكْ!

أَمْ أَنَّكَ فِي الْكَوْنِ شَمْسٌ

غَادَرَتْ مَدَارَهَا لِتَتْبَعَكْ!!

أَمْ أَنَّ الطَّيْرَ باتَ لَكَ مُغَرِّدًا

وَالْوَرْدُ انْحَنَى خَجِلًا مَعَكْ!!

أَمْ أَنَّ النَهَارَ بِنُورِهِ يَتْبَعَكْ

أَمْ أَنَّ السَحَابَ بِرَهْلِهِ ظَلَّلَكْ!

يُسَائلُكَ الْقَلْبُ مَا أَدْهَشَكْ!

فَهَلْ أَذِنْتَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَكْ؟

أَدَجَى اللَّيْلُ أَمْ غَفَا النَهَارُ

أَمْ نَثَرَ في دُجَاهُ أَنْجُمَكْ!

أَسَالَ مَاءُ العَيْنِ على الخَدِّ

أَمْ أَنَّهُ دَمٌ سَالَ فَاسْأَلْ دَمَكْ!

***

أَفَلَا خَلَعَتَ عَلَى الصَبِّ

مِنْ نَسَماتِ الْحَبِّ بُرْدَكْ

قُمْ فَاسْقِنِي كَأْسَ النَّدِيمِ

لِأَرْتَشِفَ مِنْ الثَّغْرِ شَهْدَكْ

أَمْ أَنَّ مَا كَانَ بَيْنَنَا مَضَى

حُلُمٌ مَاتَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكْ!

يَا لَائمِي فِي الهَوَى هَلْ سَ

عِيرُ الْهَوَى يَوْمًا أَوْجَعكْ؟

فَلَا تقل أَفِقْ، وَحَتَّى مَتَى أَنْتَ

لَاهٍ، فَمَا كَانَتْ الدُّنْيَا مَعَكْ!

أَرْسُمُ فِي الْأَحْلَامِ أَزْهَارَ الهَوىَ

وَأَزْرَعُ مِنَ الْأَزْهَارِ لَيْلَكْ

لئن غَابَ صَوْتُكَ وَمَا عُدْتُ

أَسْمَعَكْ، فَنَبْضُ القَلْبِ مَعَكْ

ولم تزل الروح تُوَارِي حُزْنَهَا ثُمّ

تَتَرَاقَصُ طَرَبًا لِكَيْ تَتْبَعَكْ

سُبْحَانَ الله خَلَقَكَ فَجمَّلَكْ

سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَكَ فَصَوَّرَكْ

أَحْلَى مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍفَ

كأن الْوَرْدَ هُوَ مَنْ أَعْطَرَكْ

فَلَا تَمْحُ بِالنَّدَى لَحَظَاتَ حُبٍّ

وَأَشْرِقْ مِنْ نَعْنَاعٍ لِأَسْتَرِدَّكْ

أَشْرِقْ مِثْل ثُرَيَّا أَضَاءَتْ فَ

هَرَبَ مِنْ الدُّجَى ظَلَامٌ كَحَّلَكْ

إنْ كُنْتَ عَصِيَّ الدَّمْعِ فَ

سَوْفَ يُسِيلُ الدَّهْرُ دَمْعَكْ

طَالَ الِانْتِظَارُ وَالآلَامَ مَوْعِدُهُ

والحُبُّ دَاءٌ وَالدَوَاءُ حُبَّكْ

الْفِرَاقُ جَمْرٌ وَالْوَدَاعُ لَوْعَةٌ فَ

أَفْرِغْ عَلَى الصَّحْرَاءِ قَطْرَكْ

هَاجَني مِنْكَ شَوْقٌ فَنَادَى

الْعَقْلُ إِنَّ الشَّيْطَانَ مَسَّكْ

فَلَا تَرَكْتَ لِي أَثَرًا أَهْتَدِي

وَلَا عَهْدًا وَأَخْلَفْتَ عَهْدَكْ

مَشِيئَةُ اللَّهِ فِي أَقْدَارِهِ ف

هَلْ أَنْتَ من يَحْكُمُ قَدَرَكْ؟

***

طَيِّبٌ ذَاكَ الْعَسَلُ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْدِ

فَيَا طِيبَ عَسَل شَهْدِكَ وَمَنْ حَمَّلَكْ

سِنِينٌ عِجَافٌ وَلَا أَشْوَاقَ تُرْسِلُهَا

لِصَبٍّ كَانَ يَوْمًا بَيْنَ الْأَنَامِ قَمَرَكْ

يَا قَلْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وِصَالِه بُدٌّ

فَكَيْفَ مَنْ بَاعَ وَخَانَ وَمَنْ مَطَّلَكْ

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.