اللوحة: الفنان الألباني جوزيف كوتيه

على الشاطئ ومن باطن الرمال، أطلت حقيبة جلدية، تدعو المارة لالتقاطها، لا شيء بداخلها سوى حزمة من الأوراق الأنيقة المزدانة بصور الورود الملونة، لم يطلها البلل، لأنها محفوظة في كيس من البلاستيك ولاصق شيكارتون، البحر هادئ والشمس متساقطة عمودية، أضفت على المياه سبائك ذهبية، لا أدري لماذا اخترت السير على الشاطئ، فتحت الأوراق، الخط جميل منظم، أسندت ظهري خلف إحدى الصخور الحجرية، التي تمنع تدافع مد الأمواج وقرأت: هذه الكتابات لا أعتذر عنها، أنا طبيبة ناجحة، فقيرة الجمال، فشلت في أول

 تجربة عاطفية أيام الجامعة، تركني وذهب للأجمل، تقدم لي عريس، أخفى سابق زواجه من مطلقة أنجبت له طفلان، وحين واجهته بالحقيقة اختفى.

سنوات عمري تتقافز، أكملت عامي الأربعين، أرى الدموع في عين أمي كل يوم، وهي تحلم برؤيتي في ثوب العرس.

 في حفلات الزفاف التي أدعى إليها من الأهل والصديقات، أراهم يشيرون نحوي، ويتهامسون في سخرية بقولهم: العانس، 

أخفت أمي ترددها على أكثر من خاطبة، والعرسان إما كهل أرمل، أو مطلق ولديه أطفال، 

الحياة تجعلنا نرتاب في منطق الأشياء، أحيانا أتساءل ما حاجتي للطعام ولدي من الألم ما يكفي لأمضغه، الباحثون عن العواطف النبيلة والكريمة، لا وجود لهم، المصبوغات بالألوان والمنفوخات بالسيلكون، أصبحوا سوق رائجة.

 أشرب وحدتي مع قهوة الصباح، وأشرد في ليل العالم الواسع، صرير قلمي هنا على الورق يخدش القلب، 

فينزف الدم، كل يوم أشكو لأوراقي مواجعي، لا أريد أن أرى إشفاق الآخرين نحوي، ولا همساتهم حين أدير ظهري، يوجعني أبي حين ألمحه يبكي بلا دموع، 

غرائبية الحياة تجعلنا نرتاب في منطق الأشياء، ومازالت المرأة ترقص في وليمة ذبحها، يكذبون حين يقولون في الصحف والميديا: ليس المهم جمال المرأة الخارجي، وإنما الداخل الغني بالمضمون الإنساني، مازلنا نزهر كلاما ولا نثمر، ما أقسى ما نبطن عكس ما نظهر، ما أصعب ان نبكي بلا دموع، ونذهب بلا أمل في رجوع، وما أقسى أن تشعر بالضيق، ورحابة المكان من حولك، تضيق بك، ومازالت المرأة ترقص في وليمة ذبحها.

أستأذنكم الآن في الانصراف، لأصنع لنفسي قاربا صغيرا، لأذهب إلى قارات وعوالم أخرى، ربما أهتدي إلى نفسي.

• قصة