ناحوم أفندي.. الحاخام الأخير ليهود مصر 

ناحوم أفندي.. الحاخام الأخير ليهود مصر 

د. خالد عزب

خالد عزب

في التاريخ شخصيات تزيل الأنماط التلقائية في الذهنية الوطنية، من هؤلاء حاييم ناحوم الحاخام الأخير ليهود مصر والذي كان موضوعا للباحثة والصحفية سهير عبد الحميد في كتاب صدر عن الدار المصرية اللبنانية حمل عنوان «ناحوم أفندي.. أسرار الحاخام الأخير ليهود مصر»، عاش حايم ناحوم في الفترة من 1873 إلي 1960، حايم ناحوم أو حاخام باشي اليهود في بلاط السلطان العثماني ثم الحاخام الأكبر في بلاط الملك فؤاد في مصر منذ عام 1925 ومن بعده ابنه الملك فاروق وأخيرا في جمهورية الضباط الأحرار، وهو الحاخام 49 أو قبل الأخير في تاريخ الحاخامات بمصر، وإن كان هو فعليا في رأي المؤلفه الحاخام الأخير، إذ لم يكن خليفته حايم دويك سوي رئيسا للطائفة اليهودية التي تقلص حجمها كثيرا ولم يكن له النفوذ الذي تمتع به سلفه. 

المؤلفه في الكتاب انطلقت بنا عبر صفحاته حول عدد من التساؤلات كان أهمها : هل تأمر ذلك اليهودي العثماني المولد والنشأة مع بني جنسه وموطنه في أزمير المدينة التركية التي شهدت ثورة علي السلطان عبد الحميد الثاني بوصفه العدو اللدود للصهوينة؟ إلي من انحاز ذلك اليهودي العثماني الذي استقر في مصر قرابة نصف قرن، فكان حاخاما لطائفتها اليهودية وعضوا في مجلس الشيوخ ومجمع اللغة العربية، ومات ودفن في مصر؟ 

أسئلة عديدة حاولت المؤلفة البحث عن اجابات عليها عبر صفحات كتابها الذي كتب بأسلوب أدبي رشيق، فكأننا أمام صحافة استقصائية في ثوب بحث أكاديمي غير مسبوق، فيمكننا أن نعتبر هذا الكتاب مرجعا تاريخيا لا غني عنه في تاريخ اليهود في مصر في حقبة شائكة هي حقبة ذروة الصراع العربي الإسرائيلي، عين حايم ناحوم حاخاما ليهود مصر بقرار من الملك فؤاد في 9 فبراير 1925، المتتبع لأخبار ناحوم في صحف زمانه يدرك أنه أمام شخصية ديناميكية لا تكل ولا تمل، فرغم الأعباء الكثيرة الملقاهعلي عاتقه والمرض الذي أجبره علي البقاء في المستشفي عدة مرات، فإنه لم يغب أبدا عن أي حفل يخص الجمعيات والمنتديات اليهودية الثقافية والرياضية، أو يفوتمناسبة تخص أبناء الطائفة، ففي مايو 1943 أصر علي حضور الاحتفال باليوبيل الفضي للمستشفي الإسرائيلي بغمره، رغم مرضه وإقامته في المستشفي نفسها، حاول مرارا سد العجز في رجال الدين اليهودي وممن استدعاهم لهذا عوفديا يوسف الذي مكث في القاهرة لفترة ولكنه غادر بعد عامين بسبب أن الالتزام في المجتمع اليهودي المصري ضعيف، وهو الحاخام الذي سيرعي حزب شاس اليهودي المتطرف لاحقا في إسرائيل، كانت فاعلية حايم ناحوم في رعاية فقراء اليهود خاصة في حارة اليهود في الموسكي الذين عانوا من غياب قواعد الصحة والنظافة وانتشار الأمراض سببا في شعبية جارفة له، كما كانت مشاركاته في المناسبات الدينية والرسمية إلي جوار شيخ الأزهر أو مفتي الديار المصرية أو بطريرك الأقباط سببا في كونه يعبر عن التعددية الدينية في مصر، لذا كان ناحوم حريصا علي بناء شبكة من العلاقات مع الأسرة الحاكمة في مصر ورجال الدولة، كانت خطبه يلقيها باللغة الفرنسسية وهو ما شكك في عضويته في مجمع اللغة العربية لكن المؤلفه قدمت الكثير حول مشاركاته في أنشطة المجمع.

تضمن الكتاب شهادات من شخصيات عامة حول حايم ناحوم، وكذلك تأبين مجمع اللغة العربية له، الكتاب يستحق القراءة ويحمل تفاصيل تجعلنا ندعو القاريء لقرائته.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.