اللوحة: الفنان الجزائري صالح المقبض
ماهر باكير دلاش

1
سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ بَعْضَ خَلْقِهِ
بِلَا فِعْلٍ وَخَلَقَ الْبَعْضَ فَعُولُ
وَسُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الحَيَوَانَ بِلَا
عَقْلٍ يُزَيِّنُهُ، وَالنَّاسَ تَزَيُّنُهَا عُقُولُ
أَلَيْسَ الْفَتَى بِعَقْلٍ يُرْشِدُهُ؟ فِيمَ
يَنْفَعُ الجَاهُ إن لَمْ تُغَذِّيَهِ أُصُولُ؟
أَلَا إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ سَمِينٌ تَطِيبُ
الْحَيَاةُ بِهِ، وَبَعْضَهُمْ غَثٌّ سَؤُولُ
الغَثُّ فِيهِ مِنْ سُوءِ الْأَخْلَاقِ مَا
يُزْدَرَى وَأَصْلُ السَّمِينِ عَلَيْهِ دَلِيلُ
2
الْعِلْمُ زِيْنٌ وَتَشْرِيفٌ لِمَنْ دَرَى
وَعِلْمُ القُرْآنِ أَرْفَعُهُ وَلِلتَّقْي قَبُولُ
الْيُسْرُ مَا بَيْنَ قِيَاسٍ وَاجْتِهَادٍ
لَاعِنْدَ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ وَهُوَ جَهُولُ
تَبَّتْ يَدَا مَنْ أَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ
فالدَّيْنُ لَهُ كِتَابٌ وَاحِدٌ وَرَسُولُ
مَاذَا أَقُولُ فِي جَاهِلٍ بِالدَّيْنِ، قَدْ
عَزَّ الْكَلَامُ فَمَا عَسَايَ عَنْهُ أَقُولُ
فُطِرَ الإِنْسَانُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ
لِلْعَارِفِينَ عِنْدَ اللَّهِ مَعْبَرٌ وَسَبِيلُ
3
تَاجُ الْفَتَى دِيْنٌ يُهَذِّبُهُ فِي الدُّنْيَا
وَفِي الآخِرَةِ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ مَقْبُولُ
فَمَنْ فَسَدَتْ سَرِيرَتُهُ بِاتِّبَاعِ الْهَوَى
وَصَرَفَهُ لَهْوُ الْمَعِيشَةِ وَالْأَبَاطِيلُ
فَقَدْ خَسِرَ الدِّينَ وَالدُّنْيَا وَيَوْمَ
الْبَعْثِ حَيْثُ جَهَنَّمَ مَشْغُولُ
كَأَنَّهُ وَالنَّارُ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ كَأَنَّ
قَلْبَهَا مِنْ شَوْقِهَا بَاتَ مَتْبُولُ
يَا مَنْ كُنْتَ فِي الدُّنْيَا ذَا مَالٍ
لَا جَمَالَ لَكَ الْيَوْمَ وَلَا تَجْمِيلُ
4
أَتَتْ الدُّنْيَا تَكْشِفُ أَكْمَامَهَا
وبِكُلِّ الْفُصُولِ رِدَاؤُهَا جَمِيلُ
تَضْحَكُ لِمَنْ يَتْرُكُهَا بِبَهْجَةٍ
وَتَبْكِي عَلَى مَنْ كَانَ إِلَيْهَا يَؤُولُ
سَرَابٌ هِيَ لِكُلِّ عَارِفٍ، وَهِيَ
الْأَمَانِيُّ لِكُلِّ جَاهِلٍ وَالمُسْتَحِيلُ
ولَا تَرْتَجِي مِنْهَا عِنَبًا وَلَا تَمْرًا،
فلنْ يَتَرَاقَصَ العِنَبُ وَلَا النَّخِيلُ
تَعِيشُ بِزَيْفِ الْحَيَاةِ طَمَعًا ف
يَمْضِي بك الْعُمْرُ وَأَنْتَ لَهَا ذَلِيلُ
5
إِصَابَةُ كَبِدَ الْحَقِيقَةِ بِدَايَةُ الرُّشْدِ
فَفِي الرَّأْسِ عَقَلٌ وَالْقَلْبُ سَؤُولُ
أَمَّا الْعَقْلُ فَهُوَ بِالْفِكْرِ جَمِيلٌ
وَأَمَّا الْقَلْبُ فَهُوَ مِنْ الضَّلَالِ عَلِيلُ
قَدْ أَفَلَتْ الشَّمْسُ فَلَا ضِيَاءَ لَهَا
وَتَثَلَّمَ السَّيْفُ فَلَا حَدٌّ لَهُ وَلَا صَلِيلُ
وَغَابَ الْقَمَرُ مِنْ دُونِ اكْتِمَالٍ فَلَا
نُوُرٌ لَهُ والدَّمْعُ على جِفْنَيهِ سُيُولُ
وَمَا عَادَ الصُّبْحُ يُسْتَهْدَى بِهِ وَمَا
رُفِعَتْ عَنْ الظُّلْمَةِ وَالظُّلْمِ السُّدُولُ
6
لَوْ عَلِمَ الْعَبْدُ مَا خُبِّئَ فِي الْغَيْبِ
لَسَعَى إلَيْهِ وَقَالَ: كَيْفَ السَّبِيلُ؟
وَلِظَلَّ لِلَّهِ سَاجِدًا كُلَّ حَيَاتِهِ لَا
يُخَالِطُهُ الشَّكُّ وَلَا يُخَالِطُهُ الضَّلُولُ
نِعَمُ اللَّهِ تُحِيطُ بِنَا مِنْ كُلِّ مَيْلٍ
وَفِي الْخَبَايَا يَغْدُو مَا يَرُوقُ يَهَوُلُ
بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا وَالكِتَابُ عَلَيْهِ نَزَل
بُورِكَ المُصْطَفَى وَبُورِكَ النُّزُولُ
مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ القُرْآنَ خَلِيلًا حَبِطَ
مَا يَصْنَعُ فَلَمْ يَكْفُرُ بِهِ إلَّا جَهُولُ!
7
أَلَا مِنْ مُبَلِّغٍ أُمَّةَ الإِسْلَامِ
وَقَدْ يَهْدِينَا ذُو الحِلْمِ الأَصِيلُ
أَنَّ الكَوْثَرَ مَوْرِدُنَا لَا يُخَالِطُ
مَاءَهُ أُجَاجٌ وَلَا مَطَرٌ وَبِيلُ
أَلَا مِنْ مُبَلِّغٍ أُمَّةَ الإِسْلَامِ
أَنَّ الرَّاسِيَاتِ يَوْمًا سَوْفَ تَزُولُ
إِلَّا خَالِقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ
رَبُّ الرَاسِيَاتِ بَاقٍ لا يَزُولُ
لَوْ دَامَتْ الحَيَاةُ الدُّنْيَا لِحَيٍّ
لَدَامَتْ لِآدَمَ وَعِيسَى الرَّسُولُ
8
غَدْرُ الزَّمَانِ عَلَيْكَ مُرٌّ عَلْقَمٌ
وَغَدْرُ الصِّدِّيقِ أَنْتَ مِنْهُ قَتِيلُ
وَمُحَاوَرَةُ السَّفِيهِ كُلُّهَا نَدَمٌ
وَغِبٌّ وَفِي ثَنَايَاهَا شَرٌّ بَجِيلُ
فَإِنْ جَارِيَتَهُ فِي مُحَاوَرَةِ كَمَا
جَرَى فَانْتَظَر بُكَاء فِيهِ عَوِيلُ
أَلَا إنَّ الْحَيَاة تَصْفُو للجَاهِلِ
وَيُزدَرَى فِيهَا الْعَالِمُ الْجَلِيلُ؟
أَلَا يُذْكَرُ فِيهَا عَلِيلُ الْفِكْرِ
وَيُسَفَّهُ فِيهَا الرَّجُلُ السَّلِيلُ؟
9
وَإبادَةٌ تَترَى وَخِذلانٌ يُرَى
طَبْلٌ وَرَقصٌ والدِّمَاءُ تَسِيلُ
وَأُمٌّ ثَكْلَى تَرْقُبُ وَلِيدَهَا وَ
الدُّمُوعُ فَوقَ الجُفُونِ هَطُولُ
مَا عَادَ في هَذَا الزَّمَانِ رَجُلٌ
وَمَا عَادَ صَاحِبٌ ولَا خَلِيلُ
والمُرُوءَةُ بَاتَتْ شَعَارًا
لِكُلِّ مُتَمَلِّقٍ مُدَاهِنٍ وَهوَ ذَلِيلُ
أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَائي فِيمَنْ حَسِبْ
تُهُمْ رِجَالًا بَئسُوا وَبَئسَ التَّطْبِيلُ
10
إِنَّ الْحُبَّ أَصْنَافٌ وَحُبُّ الْمَرْءِ
لِلَّهِ لَعَمْرِي هُوَ الْحَبُّ الْأَصِيلُ
ثُمَّ حُبُّ الْمَرْءِ لِوَالِدَيْه هو من
حُبِّ اللَّهِ فَأَيْنَ هِيَ الْعُقُولُ؟
والمودة بَيْنَ الزَوْجَينِ سُمُوٌّ لِ
الْإِنْسَانِ سَوِيُّ الفِطْرَةِ النَّبِيلُ
لَا حُبَّ غَيْرَهَا يَبْقَى فَإنْ عَشِقَ
الْمَرْءُ غَيْرَهَا فَهُوَ بِالْحُبِّ جَهُولُ
تَرَكْتُ لَهُمْ الْهَوَى وَعَشِقْتُ رَبِّي
إِنَّ الْعَاشِقَ عَلِيلُ الْجَسَدِ أَلِيَلُ!
11
اعْتَرَانِي الصَّمْتُ فَمَاذَا أَقُولُ
وَقَدْ سَادَ اللِّسَانَ خَرَسٌ وَذُهُولُ!
وَوَاقِعٌ أُجْهِضَ الْحَقُّ فِيهِ
ونَحْنُ إمَّا فَاعِلُ وَإِمَّا مَفْعُولُ!
أَلَمْ يَجْمَعُنَا دِينُ اللَّهِ فِي كُلِّ
نَائبَةٍ أَمْ ابْنُ الْمُغِيرَةِ وَسَلُولُ؟
أَمْ أَنَّ الْعَرَبَ تَفَرَّقُوا وَصَارَتْ
الْعُرُوبَةُ إِمَّا بَرْبَرٌ وَإِمَّا مَغْوَلُ؟
أَلَا إِنَّ الْإِسْلَامَ هو دِينُ الله ِ
وَمِنْ يَفُزْ بِرِضَى اللَّهِ قَلِيلُ
12
مَا حَالَ الْخَوْفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَنِيَّةِ
وَلَا دَفَعَ الْمَوْتَ عَنَّا فَكَيْفَ يَحُولُ؟
لَا يَهْرُبُ الْفَتَى مِنْ أَقْدَارِهِ، أَيَمُوتُ
الْفَتَى بِعِزَّةٍ أَمْ يَلْقَ اللَّهَ وَهُوَ ذَلِيلُ؟
آمَنْتُ بِمَنْ خَلَقَ مُحَمَّدًا وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ
وَأَخْرَجَ المَسِيحَ مِنَ أُمِّهِ وَهِي بَتُولُ