شجوية

شجوية

اللوحة: الفنان الهولندي هيرونيموس بوش

هذا القديس المنسي بشارعنا.. والجالس فوق الكرسي 

بناصية المبنى والمتوكىء بعصاه الجبارة كي يصنع من خطوات 

طرقا وشوارع، حارات وبواكي، كي يمنح خارطة 

للحي القابع خلف التاريخ يهش ذباب الواقع 

وينام ويحلم أن يتخطى أسيجة وضلالات، حجبا وأحاجي واستاطيقا..

أن يسقط وهم الخوف وبنيان الزيف المتمترس والملتف بخصيان وعبيد ألفوا 

أن يزدردوا عفن المستنقع ويواروا سوءتهم في أكفنة وبراقع 

لا شيء يؤكد حضرته أو ينكرها.. لا شيء يكرر نفحته أو يستحضرها، لكن بالتأكيد

وتوثيق عربي أو شاج وسياج نعبره لصعود جل عن الوصف أو التصديق، 

محاولة للقفز ورتق الهوة كي نضع الأرواح جميعا في قبضة هذا الصديق 

ونحرق في الرحلة أفئدة وضلوعا

حتى يرضى ويعيد الأوراق الخضراء لشجر جف 

وأغصان ترتعد من الريح وتأنف ان تتمايل

أو تتحايل حتى ترتشف رحيق حياة تتسرب في زمن موبوء خانع 

“مخفورا بوعول” وأراجيف، عكوف السابلة ورواد المقهى والملهى …

والمسجد يستنهض أورادا وأناشيد ومخطوطات وحواشي.. 

أوراق ثبوت أو نفي،

محض فصول ومقاطع من تاريخ العشق.. عتاد لا يسمن أو يغنى من جوع..

صرخات وعويل.. قهقهة الحارس وهو يعض زناد الوحدة ويباعد بين الهوة والهوة 

يفرد ريحا سوداء ويثقبها بالطلقات الجوفاء.. 

أنين مكتوم.. لا يصدع إلا للخوف 

ولا يتحرك إلا بالسنكي وبالناشنكاه .. تجاه العتمة وخواء الروح وصدىء الوقت الضائع 

كان خطاب اللحظة ممهورا بالأشواق 

وكانت فاطمة تعد طعام الإفطار.. وكنا نلتف ونتطوح في سعة الضيق وشطف الأحلام 

مشطورا كنت ومغمورا لحوافي وأجنحتي كالكثبان الرملية 

لا أجد ملاذي.. أتوجه للشاطئ حينا.. للصخرة والأمواج 

أرتد لصحراء الداخل والخارج.. أصرخ في لجة حمى ومتاهة فيروسات 

سرطانات وهوام ليس لها حجم أو وزن ومسارات..

تهجم في رقتها ونعومتها.. تتسلل عبر أوان مستطرقة 

وخطوط متوازية وتعاريج كهوف ومواقع تضرب في فرح نواح 

وزغاريد بكاء.. وسرادق زيجات في ضوء القمر الساطع 

كان هنالك.. كالهرم الأكبر.. كالتاريخ.. الشيخ الصامد.. 

وجه أبى.. وصغيري .. جدي وحفيدي .. عصفوري .. موسيقاي 

قصيدي .. وجه أبي صنديدي .. يده المعروقة والمجدولة من حنكة رحلته 

وحفاوته وخشونته .. لمسات أثير تستنشقه الأركان .. يحتل فضائي .. أرجائي

وصباحي ومسائي .. يتمدد في وفي أبنائى من بعدى .. يفرض أسطورته 

ويغذيها .. نحسوها قدحا .. قدحا وننميها بالتجربة وبالواقع …

ليس الجين أو الشفرة أو ما شابه من تأويلات …

لم يخضع للفحص .. ولا جرعات دواء .. لم يعرض لشراء أو بيع 

أو شبع أو جوع .. لم يخضع أو يركع إلا لله – الأبقى والأنفع – 

في فجر حلول ومثول عفوي نوراني يتدفق ويشع كنهر الكوثر 

يتفجر من بين حنايا وأضالع 

قال الأستاذ: ارحل 

لست من الحجر الصوان ولست من الترعة والفيضان 

لست القادر والمتعافي فوق الجسر وفي الغمر .. تحاريق الوحدة والقيظ 

لست بمحراث أو ساقية أو مذراة 

لست عصاة لحمار أو نفرا .. ألفوا وأتلفوا في شظف الوقت يهشون 

ذباب القيلولة وينامون بنهر جف وأحجار وقواقع 

أنت الناحل والمتحول لشعاع ومثال تستشرف في صحن الدار – مساء – أغنية للقمر الجوال 

اذهب أبعد قلبك .. أبعد من عينها الخضراوين ..

وعيناها الخضراوان سؤالان كبيران ..

بريئان من الخبث أو القنص .. بعيدان عن التوصيف ..

وعن لغط الغيرة والحساد .. بعيدان عن الدهشة والإعجاب 

وعن لوعات العشاق المسحورين المأخوذين بدوامات .. 

ومتاهات .. وفضاءات .. ترتد لأعماق نياط وأضالع .. !! 

حطت مدن الأسمنت .. ارتطم الجسد الناحل والرأس 

المشجوجة بعمامة شيخ وضمادة عصفور ناري طالع 

دهس الفتية قلبك.. وتهاوى صرح عمد روحك

واستنقذك مرارا من أيديهم ألقاك غريبا ووحيدا 

في الأقبية وفوق الأسطح .. في الأطراف وفى الأحقاف 

وفي نزل غواني ومحطات وشوارع .. !! 

هم حمض التكرار، وفطر خراب وبوار .. هم أبعد / أقرب 

فئران وسحالي لبيوت آيلة لسقوط حتمي …

في قاع الهاوية المتربص والضالع .. !!

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.