اللوحة: الفنان البولندي كونراد كريزانوسكي
باسم فرات

في ثَمَانِينِهَا كانتْ
تَضْفِرُ شَعْرَهَا بِشَمْسِ شُبَاطَ
وكنتُ أَنظُرُ في عَيْنَيْهَا
عينانِ تُشْبِهَانِ ضَفَائِرَهَا
غَائِرَتَانِ في الجَمَالِ
أُنُوثةً لم تُغَادِرْهَا يَوْمًا
مَهْوُوسٌ أنَا بِمَاضِيهَا المُورِقِ أَسًى
كانتْ تَقُصُّ عليَّ أحْزَنَ القصصِ
وفي عَيْنَيْهَا الرَّمادِيَّتَيْنِ بِزُرْقَةٍ خَجُولَةٍ
تنبُتُ القَصَائد
حِينَ سألتُها عن الغُيُومِ في كَلِمَاتِهَا
نَشَجَتْ حَسَراتٍ وَهِيَ تُؤكِّدُ:
“لَعَلَّ بعضَ هذهِ السُّحُبِ تُهدِّئُ مِنْ رَوْعِ الدمِ
دَمٌ غزيرٌ في أروقةِ الذكريات”
وبعد اثنَتَيْنِ وعِشْرِينَ سَنَةً
قالتْ: اشتقتُ لِأَبِيك
نَهَضَتْ من نَوْمِهَا
لم تتكلَّمْ إنَّمَا في عَيْنَيْهَا بَرِيقُ وَدَاعٍ
اسْتَقَرَّ إلى الأَبَد.