اللوحة: انتحار أوفيليا في مسرحية «هاملت» لويليام شكسبير بريشة الرسام الإنجليزي جون إيفرت ميليه
سعاد الراعي

توقفت طويلاً أمام تجربة موقع «حانة الشعراء»، تلك التجربة الإبداعية الفريدة التي تجمع بين الأدب والفن بأسلوب مدهش، حيث أدهشني ذلك الحسّ الفني الرفيع في اختيار اللوحات الفنية المرافقة لكل موضوع أدبي، بما يتماهى معه ويعزز أبعاده الجمالية والرمزية. ان لهذا التناسق البصري واللغوي أثره البالغ في إضفاء سحر خاص على النصوص، مما دفعني للكتابة عن هذه التجربة الفريدة والمتميزة.
إن اختيار لوحة توائم الموضوع الأدبي المنشور، ليس مجرد ترف بصري، بل هي بوابة تفتح أمام القارئ عوالم إضافية من الخيال والتأمل، إذ يمنح العمل الأدبي في الوقت نفسه بُعدًا جماليًا يضاعف من تأثيره. ويمكن تلخيص أهمية هذا الاختيار في عدة جوانب:
- تحفيز الخيال: تمنح اللوحة القارئ فرصة لتصوّر أجواء النص حتى قبل أن يبدأ في قراءته، مما يخلق ارتباطًا ذهنيًا وعاطفيًا بينه وبين العمل.
- توضيح الفكرة العامة: يمكن أن تكون اللوحة المناسبة تجسيدًا بصريًا لجوهر النص، مما يساعد في إيصال فكرته بسلاسة ووضوح.
- إثارة الفضول: حين يقترن النص بلوحة فنية، يتولد لدى القارئ تساؤل حول العلاقة بينهما، مما يدفعه للغوص في معاني النص بحثًا عن هذا الرابط الخفي.
- تعزيز البعد الرمزي: بعض اللوحات تحمل في طياتها رموزًا ودلالات تتماهى مع النص، مما يضفي عليه عمقًا جديدًا ويفتح أمام القارئ آفاقًا غير متوقعة.
- التكامل بين الفنون: حين يتداخل الأدب مع الفن التشكيلي، تتولد تجربة حسية متكاملة، حيث يتفاعل المتلقي مع النص عبر بصره وخياله ومشاعره بشكلٍ تعبيري متناغم
وما يميز هذه التجربة هو الحسّ الفني العميق الذي يتحلى به القائمون عليها، إذ لا يقتصر دورهم على مجرد اختيار لوحة جميلة، بل يتطلب الأمر ذائقة أدبية وفنية مرهفة قادرة على التقاط ما يناسب كل موضوع بدقة وبراعة. فاختيار اللوحة المناسبة للنص يعتمد على عوامل عدة، أبرزها:
- فهم جوهر الموضوع من حيث المشاعر التي يعبر عنها، سواء كانت فرحًا، حزنًا، تفاؤلًا، أو صراعًا.
- تحديد طبيعة النص: هل هو رمزي أم واقعي؟ اجتماعي أم شخصي؟ فلسفي أم وجداني؟
- اختيار الأسلوب الفني المناسب:
– الواقعي: حين يتطلب الموضوع دقة وتفاصيل واضحة، كالبورتريه أو المناظر الطبيعية.
– التجريدي: إذا كان الهدف هو التركيز على الألوان والأشكال أكثر من التفاصيل الدقيقة.
– الانطباعي: عندما يكون الغرض هو إبراز الإحساس والضوء والحركة.
– السريالي: إذا كان النص يحمل طابعًا خياليًا أو رموزًا غير واقعية.
ومن المثير للإعجاب أن هذه التجربة في لموقع لم تحصر نفسها في مدرسة فنية واحدة أو بلد معين، بل امتدت لتشمل أعمالًا فنية متنوعة من مختلف الاتجاهات والمدارس، مما منحها ثراءً بصريًا وفكريًا استثنائيًا.
وأنا إذ أقدّر هذا الجهد المتميز، أجد من واجبي أن أعبر عن خالص امتناني وتقديري لهذا الموقع الفني الثقافي الذي استطاع أن يجعل من كل نص رحلةً بصرية ولغوية ممتعة، حيث تتناغم الكلمات مع الألوان في سيمفونية إبداعية ساحرة.