الرهان

الرهان

اللوحة: الفنان الهولندي جودفريد شالكين

محمد محمود غدية

ما أبشع ان تكون الكلمات كسيحة، اقعدتها الهموم، تشاكسنا بين الحين والحين لتكتبنا، وتعاني مثلنا الغربة والكآبة، ترفض ان تغادرنا وتفعل بنا ما تفعله الاقدار بطير حبيس، يقفز في سجنه المقبض حائرا يائسا، وغيره كثيرين طلقاء، محلقين في الفضاء الواسع، تحط على غصون الاشجار والازهار.

تأكل الحب والنباتات وتشرب من ندى الفجر والانهار، الكل يولد صغيرا ثم يكبر، ماعدا الحزن يولد كبيرا ثم يصغر، لا يدرى ما تحيكه الاقدار من مفاجآت تنتظره بين صديقتين شرعتا للفوز به، هن جميلات بين الفتيات، العواطف الكريمة لاوجود لها هنا، نحن امام عواطف مصبوغة بألوان زائفة، بطل الحكاية يؤثر ان يرتكب اساءة، على ان يفتح قلبه المغلق، ابتسامته ومضة ما تلبث ان تذهب، انسان متعب، قلما تنفرج اساريره، اشتد حمى الفوز بين الصديقتين وارتفع سقف الرهان بينهما، الى قلم حبر شيفر من افخم الماركات، والبوم ورق ملون لكتابة الرسائل الغرامية مزدان بصور الفراشات الجميلة البارزة في الوان مبهجة، بالطبع كان هناك خاسر وفائز، ولأننا نحب الاشياء البعيدة، كي نعيش نشوة الركض والتعب والنصر، رغم الحب الزائف والمفتعل، طاب التبلل به، حين انسكب من هيكل نحيل دقيق، ووجه خمري متقد، علوي الفتنة، حضورها طاغ، غيابها مربك، انتشى بالعذاب واشتهى المزيد، ووضعت في يده الاصفاد، محيرا مفتونا، متوهما ان الارض التي يدب فوقها، ستنبت الاعناب والبرتقال، والورد والياسمين.

رزقا بالأطفال وتمدد الحب بينهما وئيدا وئيدا لأنه قدر، وبقليل من الاعتيادية والتسامح، كما تقتضي قواعد اللياقة والحصافة والتحضر والرقي، احتفلا بعيد زواجهما الأربعيني، بين لفيف من الاهل والاصدقاء وهدايا الأبناء.

لم تسعده هدايا الزوجة رغم فخامتها، والتي كانت جائزة الفوز في رهانها، الذي لا يدرى عنه شيء، لا ذنب لها انها فقدت قيمتها مع الوقت، بإختفاء ساعي البريد وهجمة الفضاء الازرق، والايميلات والبريد الاليكتروني.

الخاسر الوحيد هو ذلك الطائر المسجون في قفص ليس من اختياره، يوحى منظره صلب القسمات، بالحيرة والتجهم. 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.