متى يثمر الإيمان؟

متى يثمر الإيمان؟

اللوحة: الفنان السوري نافع حقي

ترى الموظف الجديد في بداية العمل مُرتبكا ومترددا ومُحاسِبا ومُحترسا في كل خطوة، هذا لأنه يَجهل المؤسسة والموظفين وتفاصيل الوظيفة وشخصية رؤسائه، يجب عليه أنْ يبدأ بداية صحيحة ورشيدة، وأن يظل حريصا على أنْ يفهم وهو يمارس، وخطوة خطوة يقترب للهدف من العمل ويتَّحد هدفُه مع أهداف الشركة.

في البداية يخشى من أن يُلام أو يُعاقَب، ومع الزمن يستطيع تقدير ما هو المتساهَل فيه والمتشَدّد فيه، ما هو الممتاز والجيد والضعيف والمرفوض، يعرف الحدود والشُبهات والموانع والعوائق، يعرف رئيسه ونفسيته وطِباعه، بمرور الايام يترقَّى وظيفيا ويَرقى ليصبح مثل الأكابر بِفَهمه وعِلمه وبراعته.

ولكن إنْ ظل في درجته الأولى طوال حياته، أو إن ترقَّي ترقيتين فقط من عشرة وثَبت عليهما، يصبح مُتوترا متشددا مترددا عصبيا ذو نفسية ضيقة فيُجهد من حوله ويُجهد نفسه.

كذلك المتديِّن في بداياته، يناله كل حالات ارتباك البدايات، ومع السير إلى الله يفهم ويتذوق ويَعي ويؤمن ويُحسن، ويظل مترقياً في إيمانه طوال رحلة السفر إلى الله، فيكون مَصدر كل خير للناس ولنفسه.

أما من يقعد مبكرا ويتشبَّث بالمفاهيم الأولى والتجارب الأولى الساذجة، يصبح جافا ومتقلبا وغليظا طوال تجربته الدينية لأنه لم يَخُض الدين كتجربة حقيقية مكتملة، فلا يمارس الخطو والصعود بمرونة وخِفة.

فيَعْلق في المظاهر والنُصوص والمفاهيم المتوارثة والراكدة، ويجهد نفسه وروحه وجسده.. ويُجهد الناس معه ويُحيّرهم ويُربكهم وربما يُنفّرهم، مثل من يقعد بتجربته الدينية ليبيع الكتب والمِسك والسِبحة أمام المسجد بقية عمره، مرتديا زِي وعمامة ومِطلق لحيته، هذا هو الايمان القاعد مبكرا في أول الطريق، والله لا يحب القعود

التدين الشَكلاني مثل الرُقية الزائفة الخائِبة فلا يتجدد ولا ينمو ولا يثمر ويظل كما هو، والجهاز الجديد مع السنوات يصبح قديما لأنه مادي، ولكن التجربة الايمانية تثمر. ونحن أمة أقرأ… أمة نون وما يسطرون… أمة عَلّم بالقلم.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.