الأختان التوأم – للكاتب الأميركي مايكل هيو ستيوارت

الأختان التوأم – للكاتب الأميركي مايكل هيو ستيوارت

اللوحة: الفنان الألماني جوليسيمو

ترجمة صالح الرزوق

بلغت السادسة عشرة. وتعلمت كيف تميز بين الثياب الرسمية، لتختار الضابط من دون غيره. وكان له بقع نمش، غير أنها لا تتذكر المزيد عنه. عينان زرقاوان؟. تبعها وهي تخرج من البار لتدخل في الزقاق. ومع أنهم نصحوها أن تكف بصرها، لكنها تلفتت، وشاهدت الألماني يقترب – عيناه خضراوان؟. ورأت بول خلفه، والمطرقة ترتفع وتسقط. فقد احتاج لعدة ضربات. 

لتجهز نفسها، صممت لعبة. جلسنا الواحد قبالة الآخر، ابتسمت، لكنني ضربتها. إذا بدلت تعابيرها سأربح. إن لم تبدل، هي من يربح. كان من اليسير أن أنظر إلى نفسي وأعتدي عليها. كنت طيلة حياتي أشك وأخاف وتذكرت ذلك. تكلمت عن والدي. ولم تكن هناك أسرار. قالت هذا يلغي النقطة. وهكذا أحيانا، كنت أقوم بأمور غير متوقعة – أضربها، أغرس دبوسا في ذراعها، أمزق بلوزتها المفضلة. في النهاية، لم ألاحظ شيئا، كانت تعابيرها لا تنم عن أحاسيسها – وكان وجهها مستقلا عما حولها، وكان بمقدورها أن تبتسم لرجل وهي تقوده إلى حتفه. وكما بدلت اللعبة أختي، بدلتني أيضا. ولكن على نحو ما لم أحفل بذلك حينها. 

كانت أختي في باريس، وقتلوا هناك في الأزقة نازيا، ولكن النازيين قتلوهم في الأزقة أيضا. وأنا أقمت في باريس، وكان هناك حصص تموين ومنع تجول من التاسعة مساء حتى الخامسة صباحا. وكانت الشاحنات تمر عبر المدينة بمكبرات الصوت، ولا أتذكر ماذا كانوا يقولون، ولكنهم كانوا يذيعونها مرة بالألمانية، ثم بالفرنسية.

وكان لدي صورتها: جالسة عند الطاولة مع رجلين طويلين، ودخان السجائر يحجب وجهها جزئيا. شعر مسترسل ونظرة حادة لم تقلل من جمالها. وأستغرب من قول ذلك لأنني لم أكن جميلة أبدا. لأسابيع، خبأت بول في شقتي. ونام في غرفة نوم والدينا. كنت أتقاسم مع أختي سريرا واحدا في صبانا، وحتى بعد اختفاء والدينا بدأت أختي تنام في مكان آخر، وتابعت النوم في نفس السرير، وأنا أنظر لنفس البقعة في السقف والتي أراها كل ليلة من حياتي. قال لي: توقعت أن يكون صوتك مثلها. من الغريب أن أسمع صوتا مختلفا يخرج من فمها. 

ولكن توجد فروقات بيننا، وهي قليلة، ولكن أحيانا عندما أراها في إحدى الغرف، أشتبه كأنني شبح ينظر إلى صورته.  وإذا رأيتها تشرب الشاي، يخيل لي أنني أتذوقه معها. في المساء كان بول يستمع إلى بث في المذياع. تبقى أتالي مهتاجة. أكرر ذلك. تبقى أتالي مهتاجة. كان رجلا صغيرا بشارب رقيق أشقر فوق شفتين نحيلتين. وكان ينطق بالكلمات لنفسه وهو يدونها. وكان مرتاحا لاستيلائه على الشقة. بينما أنا أعتني بغسيله – ولكن لا يمكنني تجفيفه على الحبل، وإلا اضطررت لتفسير سبب وجود رجل معي. بعد الحرب، اعتقل لأنه يجامع كلاب الصيد. ومات في السجن بالعدوى. سألته كيف يكون الصوت الصادر عن ضرب ألماني بمطرقة.  قال: يا لك من عصفورة صغيرة وشريرة. وأخبرني أنهما كانا عاشقين، ولكنني أشك بذلك. وأضاف إنها أنقذت حياته في إحدى المرات. وطعنت عين ابن الحرام بالسكين – وكانت عينه طرية كالزبدة. أعرف السكين التي تكلم عنها، كان الوالد يحتفظ بها بسلسلة مع ساعته. ورأيتها كيف تستعملها لقطع طرف سيجارها. دائما بشكل مثلثين – ما يقولون عنه: عين الهرة.  في آخر ليلة حضرت الكيك. قال عني إنني عاطفي. حاولت أن أتخيل الصوت الذي يصدر حينما تضرب رجلا بالمطرقة. 

مثل طرق شرائح الدجاج؟. بسبب حصص التموين، أستعمل الشوندر بدل السكر. لوثت يدي ولوح التقطيع ونصل السكين. لا زالت يداي ورديتين حينما فتحت باب غرفة النوم. انعكس ضوء الممر على عينيه وظهرتا كأنهما مبلولتان. لم أقل شيئا حينما رفعت الغطاء عنه. استلقى دون ممانعة، وتحفز وأنا أباعد ما بين ساقيه، وثوبي مكوم على خصري. حركت وركي ببطء وبعزم، حتى خرج اسمها من بين شفتيه، وجعلته يكرره حينما كانت يداه تبحثان في وجهي عن وجهها. 


مايكل هيو ستيوارت Michael Hugh Stewart كاتب أميركي معاصر. يعمل بالتدريس في جامعة براون.

رأي واحد على “الأختان التوأم – للكاتب الأميركي مايكل هيو ستيوارت

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.