ترجمة: مرفت عمارة
اللوحة: هيمنجواي بريشة الفنان الكندي ماثيو لاكا
إرنست هيمنجواي (1899–1961) الحاصل على جائزة نوبل سنة 1954، التقى عام 1944 بماري ويليش (1908–1986) وهي صحفية من كوبا كانت تعمل مراسلة في لندن لجريدة تايم ماجازين. وفي ذلك الوقت كان زواج هيمنجواي من مارثا جيلبورن على المحك، الزواج الذي انتهي بعد زيارتها له بالمستشفى إثر إصابته في حادث سيارة، وأبدت مشاعر باردة تجاهه، وأصبح مفتونا بماري.
وفي عام 1946، تزوجا، وكان الزواج الرابع لهيمنجواي، وعلى الرغم من توقع أصدقائهما انهيار ذا الزواج سريعاً، إلا أنه استمر حتى يوليو سنة 1961 عندما عمد هيمنجواي إلى الانتحار، كان الاثنان يوقعان خطاباتهما بالمقطقط الكبير والمقطقطة الصغيرة.
قالت ماري ذات مرة: أردت أن يصبح الكاتب الأفضل والأقوى تأثيرا والأمهر مني، حتى أنني أتذكر باستمرار مدى عظمته وضآلتي أمامه.
- في 16 إبريل 1945 كتب هيمنجواي رسالة إلى ماري قال فيها:
أعز الناس بيكل: تلك مجرد ملحوظة وسوف يصلك بريد على كل حال الليلة، لقد كنت عاقد الأمل على بعض الأشياء هذا الصباح لكن لم تأت الرياح بما تشتهي السفن، ربما يحدث بعضها في المساء، ظننت أن الوقت مبكر جدا علي وصول سفينة الخطابات ويجب التحلي بالصبر، علي كل حال لقد أتممت اليوم الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وباقي فقط 12 يوما علي الرحيل، اليوم أمر باليوم السادس عشر تناولت عشاء ليلة الأحد بالخارج حتي الثانية صباحا في مقهي يقع علي حافة الماء، في الواقع لم أشرب شيئا، بل أتحدث عنك. صحوت في الصباح شاعرا بانتعاش فقررت الذهاب للرماية حتي أعرف تأثير ذلك فأطلقت بسرعة وإحكام، ربحت 38 نقطة، وتغلبت علي عشرين لاعبا، وانهزمت بالنهاية في آخر رمية بواسطة طائر أرديته وأطلقت ثاني رمية بعد الأولي بسرعة كبيرة فأصابت الطائر فوق السياج، الرماية شيء غير هام ولا أوليها أهمية، ولا أريد أن أضجرك بالعد والحساب، لكن المكان علامة جيدة تدل علي إحراز ممتلكاتك تقدما، لقد نشب شجار كبير والطيور كانت سريعة… أنا ذاهب للمدينة لتناول الغداء، يا الله لقد كان شيئا هينا علي الرماة الآخرين، كان شيئا ممتعا يمكن معاودة عمله، أعرف بالقطع أن الكتابة لها نفس المفعول، إذا رآني شخص منذ ثلاث أسابيع أصوب علي الحمام كان يمكن أن يرجح لك أنني لن أعود أبدا، وبالأمس كان الأمر أسرع من الفخ الفولاذي، بيكل كل ما عليك عمله هو الثقة في ما يكتب، أعرف أنك تفعلين، أتعرفين؟ لقد أدركت الآن أنني أنقذت تسعين بالمائة من تلك المدينة، وكل متعتي هناك في أن أظل أعمل وأكسب طوال حياتي من أجلك.
اليوم التالي واصل هيمنجواي الكتابة: بقيت الليلة السابقة دون الخروج لتناول العشاء لاعتقادي أنه ربما يأتي البريد، لكن لم يحدث، وقتها كنت شديد التأكد أنه لابد أن يأتي بعضها هذا الصباح، لابد أن يحدث، اليوم هو اليوم السابع عشر، وأنت حصلت على شيء في اليوم الثاني عشر، خمني، لم يكن هناك أي بريد، لذلك سأخرج على القارب مع باكث ودون أندر جورجيو وأبقي بالخارج طوال اليوم، وأتمني وأثق أنه سيكون هناك خطابات أو حتي خطاب، وربما سيكون، وإذا لم يحدث سأصبح تعيسا، لكنك بالطبع تعرفين كيف تتعاملين مع ذلك؟ أنت متغلغلة في أعماقي حتى الصباح التالي، أفترض من الأفضل أن أتوهم أنه لن يصل شيء قبل مساء غد وعندها لن تكون الأمور سيئة الليلة، أرجوك اكتبي لي يا بيكل، إذا كان هناك شيء عليك عمله يجب أن تفعليه، أنا دونك في جحيم مستعر، وأنا أفعل ذلك علي خط مستقيم لكني أشتاق اليك كثيرا، يمكن أن أموت إذا حدث لك مكروه، أموت كما يموت الحيوان في حديقة الحيوان إذا حدث شيء لرفيقته، سوف أرسل ذلك إلي جوان حبي الأعز ماري وأعرفك أنني لست ضيق الصدر، أنا فقط يائس.