من فرانز كافكا إلى فيليس باور

من فرانز كافكا إلى فيليس باور

ترجمة: مرفت عمارة

اللوحة: كافكا بريشة الفنان الإيطالي أليساندرو لوناتي

فرانز كافكا (18831924) روائي ألماني مولود في براغ لأبوين يهوديين، أهم ما يميز رواياته تعبيره عن الهواجس الإنسانية وأحاسيس الاغتراب، وتعذيب والده له وصعوبة علاقتهما، وفي روايته المحاكمة سنه 1916تصوير لذلك النزاع، الذي انعكس أيضا علي معضلة حب حياته، فهناك قليل من النساء ممن وقع في غرامهن، علي رأسهن فيليس باور التي خطبها مرتين، وافترقا نهائيا سنة 1917، وهي نفس السنة التي أصيب فيها بالدرن، وفي آخر محاولاته اليائسة للتسرب من أبويه والتركيز في الكتابة، انتقل كافكا إلي برلين، فأجبره تدهور صحته على دخول عيادة في فيينا حيث توفي سنة 1924.

  • في سبتمبر 1912 في السنوات الأولى من علاقته مع ويليس، كتب لها رسالة تبدو وكأنها اختصار لأحد فصول رواياته، قال فيها:

حبة القلب، غلقت الأبواب، وساد الهدوء، وأصبحت معك مرة أخري، كم من الأشياء يعني وجودي معك حاليا؟ لم أحظ بالنوم طوال اليوم، فقد أمضيت تقريبا طوال فترتي بعد الظهر وقبل المساء برأس ثقيل وعقل مشوش، والآن، ومع حلول المساء، أكاد أصبح متحمسا، تتسلل داخلي رغبة هائلة للكتابة، شيطان الكتابة يبدأ غالبا التحرك في أوقات غير مواتية، دعك منه، سآوي للفراش، لكن إذا تمكنت من قضاء الكريسماس في الكتابة والنوم، يا أعز الناس، يكون شيئا رائعا.

ظللت أطاردك طوال تلك الليلة، دون طائل بالطبع، في الواقع ليس بلا جدوى تماما، لأنني حافظت باستمرار علي بقائي قريبا من فرو فريدمان قدر المستطاع، لأنها بالنهاية كانت صديقة مقربة لك وقتا كافيا، حتى أنك قلت إنكما متوائمتان، ولأنه حدث وكان في حوزتها رسائل منك، وهو بالتأكيد ما أحسدها عليه، لكن لماذا لم تنبس بكلمة عنك بينما ظللت محدقا نحو شفتيها، مستعدا للانقضاض عند أول كلمة؟ هل توقفتما عن المراسلة، ربما لا تعرف شيئا جديدا عنك، وإذا لم يكن لديها جديد، لماذا لم تتحدث عن أي شيء قديم؟ وإذا لم تكن تريد التحدث عنك، لماذا حتي علي الأقل لم تذكر اسمك؟، كما تعودت، وكما كانت تفعل من قبل؟ لكن لا، لن تفعل، بدلا من ذلك، تركتني معلقا، وتحدثنا حول أشياء تافهة بحق، مثل بريسلو، السعال، الموسيقي، الأوشحة، البروشات، وتسريحات الشعر، الإجازات الإيطالية، والتزلج، الأسرٌة المطوية للرحلات، القمصان الضيقة، أزرار القمصان، هيربرت شوتلاندر، اللغة الفرنسية، الحمامات العامة، المطر، الطهو، هاردن، الأحوال الاقتصادية، السفر ليلا، فندق بالاس، شريبرهو، القبعات، جامعة بريسلو، الأقارب، باختصار حول أي  شيء تحت الشمس، عدا الموضوع الوحيد الذي عليها التحدث عنه، لسوء الحظ، ذكرت بعض تداعيات الخواطر بينكما بتبادل كلمات قليلة حول بيراميدوز والأسبرين، وذلك ما سعيت وراءه طويلا، وسبب تمتعي بترديد تلك الكلمتين علي لساني، لكن في الحقيقة، كنت غير راض عن حصيلة تلك الليلة، لأنه بالنهاية ولساعات ظل رأسي يطن رغبة في سماع اسم فيليس ، أخيرا وبعنوة غيرت مجري الحديث نحو خطوط السكك الحديدية التي تربط بين برلين وبريسلو بينما أرمقها بنظرة وعيد ولا كلمة.

فرانز.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.