اللوحة: الفنانة الكندية روبرتا موراي
ترجمة مهدي النفري

سرتُ حيثُ يخافُ الصدى أن يسير
في شوارعَ فارغةٍ يقتاتُ عليها الصمتُ المرير.
أضواءُ المدينةِ وهجٌ شبحيٌّ خافت
عكستْ وجوهاً تائهةً في الأحلامِ وغابتْ
كانَ الليلُ قارساً والنجومُ ثابتةً لا تتحرّك
وكأنّ السماءَ فقدتْ إرادتَها
وفي الظلامِ وُلِدَ صوتٌ
همسٌ ملفوفٌ بضبابِ الفجرِ ونسيمِ الموتِ
مَن أنتَ الآن؟
صاحَ الصمتُ في وجل
أشرارةٌ عابرةٌ أم تنهيدةُ موجةٍ على الأجل؟
لكن في الأعماقِ حيثُ تتشابكُ الظلال
قلبٌ ما زالَ يحترقُ
يرفضُ الحزنَ والضلال.
فحتى لو ضِعنا ما زلنا ننتمي
نغمةٌ في أغنيةٍ لم تكتمل، لم تُستلم.
قد يلتوي الدربُ
قد يذبلُ الطريق
لكنّ كلَّ خسارةٍ ليستْ عبثاً، ليستْ للحريق.
وهكذا مضيت
والليلُ عميقٌ داكن
عبرَ رياحٍ تتهامسُ ونومِ المدينةِ الساكن.
فحتى حينَ كنتُ ضائعاً عُثرَ عليّ
ففي داخلِ الظلامِ كانَ النورُ مقيّداً بي.

نيونيلا رذرفورد (Neonila Rutherford) شاعرة وروائية روسية معاصرة. بالنسبة لها لم تعد الكتابة مجرد مهنة بل تحولت إلى هواء ودواء. مسيرتها الأدبية ليست طريقًا مخططًا بل هروبًا عفويًا إلى عالم الكلمات، بدأ تحت تأثير النثر الساحر لهاروكي موراكامي منذ عام 2021، لاقت نصوصها التي ولدت من التقاء الصراحة والبحث عن ملاذ من العواصف العاطفية صدى لدى القرّاء. تجد نيونيلا أنه من الأسهل عليها أن تشق طريقها عبر متاهة المشاعر بالأسطر الشعرية بدلًا من الكلمات العادية. كتابها الأول 19:06:07 (2024) ليس مجرد مجموعة شعرية بل هو يوميات حميمة ودراسة ذاتية تتشابك فيها مواضيع الحب، والإدمان، والسؤال الأبدي (من أنا)؟. تتميز قصائدها بعاطفة مجردة من دون تكلّف. فالشعر الحر يصبح أداة لنقل الألم والوحدة والحب، وتقلبات الروح في بحثها عن المعنى. صوتها الصادق والحديث والخالي من التظاهر يجد طريقه إلى أولئك الذين يبحثون في الأدب لا عن التسلية، بل عن التأمل والفهم.