اللوحة: الفنان الفرنسي روجر دي لا فريسناي
محمد محمود غدية

لقاءتنا اقل، لكن دافئة، مثل فنجان قهوتك الذى تحتسينه الآن، حبنا ليس مثل الكثيرين، انه نتاج تآلف القلوب وارتياح النفوس، وتعانق الأرواح، ضعي يديك على قلبينا، وحاذرى فهو جارف حارق، تكتبه الحكايات والأشعار، لو كنت ذهبت فى وقت آخر، أبكر بقليل، متأخرا بقليل، عن الذى حددته الأقدار، لما التقينا، لم اكن ادري أن لقاء مفخخا، فى انتظارى، ناتج عن اصطدام أفلاك وشموس وأقمار ونيازك، لقلب حياتى رأسا على عقب، وحتى اللحظة التى التقيك فيها الآن، اكتشفت بعدها أن أصبع الديناميت المفخخ أتلفه المطر، فنجوت، شكرا للشتاء، زواجنا أخفيناه، حتى أننا عمدنا الى خلع خاتمي الزواج، واخفائهما فى ملابسنا.
مما نخاف؟ الناس فى المقهى، مشغولين بأثقالهم التى أحنت ظهورهم، السعادة على وجهينا تكشف سترنا وسرنا، هناك امرأة شابة، تجلس قبالتنا، متوهجة ممتلئة حيوية وحبا للحياة، وجدتنى انظر اليها، رأيت عينيها تكتحلان فجأة بالدموع، التى سالت فى خطين لامعين، على وجنتيها المشمشتين، جميعنا نملك نفس العين، لكن لا نملك القدرة على قبض الدموع، ثلث الحكمة فطنة، وثلثيها تغافل، أجمل الحب ما يأتى متأخرا، خارج دائرة الطيش والمراهقة، يكفينى انك مررت فى عمرى.
قصتى الأخيرة حملت عنوان “فاكهة شتوية” لأنها اشهى واجمل من فاكهة الصيف، حركت الشخوص للوصول الى العقدة وحلها.
فى منتصف القصة توقفت، حين تبخر الحل، والخيال الخصيب ولغة التشويق والدهشة، مالأسباب فى توقفى فى منتصف الحزن، أقصد منتصف القصة؟
وكأنه لا شيء هناك يستحق الركض، فقط تدهشنا الخسائر التى خرجنا منها أحياء، يوما سأتمم قصتي، وسأكون جديرا بآلامى، فكى ضفائر شعرك الليلي، لأسافر فيهما وأتسلق خصلاتك لأقطف آخر ثمر الشجرة العجوز، قبل اقتلاعها لتوسيع الحديقة.
ينبهني نادل المقهى، الصلب القسمات، انني لم احتسي قهوتي الثانية التى فقدت مذاقها الطيب، حزمت أوراقي، وفى القلب أحرف تقتات دمي، لتكتب آخر سطر فى قصة طيف امرأة لم تأتي.