اللوحة: الفنان الجزائري صالح المقبض
ماهر باكير دلاش

وَإِنْ غَمَرَتْنِي نِعَمٌ ما كُنْتُ آلَفُهَا
فَالْفَضْلُ لِلَّهِ، لا لِلْخَلْقِ أَذْكُرُهَا
فَكَمْ نَعِيمٍ أَتَى مِنْ حَيْثُ لا سَبَبٍ
إِلَّا دُعَاءً رَفَعْتُ الْكَفَّ أُحْضِرُهَا
تَأْتِي الطُّيُوبُ عَلَى قَلْبِي بِلا ثَمَنٍ
كَأَنَّمَا الْغَيْبُ بِالْأَرْزَاقِ يُمْطِرُهَا
تَأْتِي خَفِيَّةَ أَلْطَافٍ، مُدَثَّرَةً
بِالْحَمْدِ، وَالسِّتْرِ، لا عَيْنٌ تُصَوِّرُهَا
وَإِنْ تَجَلَّتْ خِلالَ الضِّيقِ نَافِذَةً
فَاللُّطْفُ سِرُّ الْمُنَى، لا النَّاسُ تُدَبِّرُهَا
أَنَا الْفَقِيرُ وَإِنْ طَابَتْ مَعِيشَتِي
وَمَا الْغِنَى بِيَدِ الْمَخْلُوقِ يُنْكِرُهَا
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي سِرِّي وَفِي عَلَنِي
مَا حَيِيتُ، النِّعَمُ الْعُظْمَى يُظْهِرُهَا
مَا خَابَ مَنْ وَثِقَ بِالرَّحْمَنِ مُنْطَلِقًا
إِنَّ التَّوَحِيدَ لِلرَّحْمَنِ مِنْبَرُهَا
فَالْخَيْرُ فِي كَفِّهِ الْبَيْضَاءِ مُنْتَشِرٌ
يُعْطِي الْقُلُوبَ سَنَاهَا ثُمَّ يُكْثِرُهَا
وَلَوْ أَرَادَ ابْتِلَاءَ الْعَبْدِ فِي زَمَنٍ
فَالْخَيْرُ فِيمَا قَضَى، وَالنَّفْسُ تُبْصِرُهَا
يَمْضِي الْبَلَاءُ، وَيَبْقَى الذِّكْرُ فِي فَمِهِ
صَوْتًا يُرَدِّدُهُ، وَالرُّوحُ تُوَقِّرُهَا
لَا تَحْسَبَنَّ السُّكُوتَ الْجَارِحَ فَضْلًا
قَدْ يَسْكُنُ الْعَجْزُ قُلُوبًا لَا يُغَيِّرُهَا
لَكِنَّ فِي الصَّمْتِ نُورًا حِينَ نَرْفَعُهُ
فَتُمْحَى الْهُمُومُ، وَرَبِّي مَنْ يَسْتُرُهَا
يَا نَفْسُ، كُونِي لِلرَّحْمَٰنِ خَاضِعَةً
فَهْوَ الَّذِي إِنْ أَرَادَ الْأَمْرَ يُسَيِّرُهَا
مَنْ ذَا يَرُدُّ أَقْدَارَ اللَّهِ إِنْ نَزَلَتْ
كُتُبُ السَّمَاءِ؟ وَهَلْ فِي الْأَرْضِ مُدَبِّرُهَا؟
فَارْضَيْ بِمَا قَسَمَ الدَّيَّانُ وَابْتَسِمِي
كَمْ مِحْنَةٍ فِي ثِيَابِ الضُّرِّ يَكْسِرُهَا
إِنَّ النَّعِيمَ، إِذَا لَاقَى الْقُلُوبَ نَدًى
زَادَ الْقُلُوبَ هُدًى، وَالرُّوحَ يُزْهِرُهَا
وَكُلُّ عَبْدٍ إِذَا أَوْفَى مَرَاتِبَهُ
نَالَ الْقَبُولَ، وَعَيْنُ اللَّهِ تَذْكُرُهَا
فَامْشِ الرِّضَا سَائِرًا، لَا تَبْتَغِ عِلَلًا
فَاللَّهُ أَدْرَى بِمَا تُخْفِي سَرَائِرُهَا
الدَّرْبُ يُزْهِرُ إِنْ وَافَقْتَ خَالِقَهُ
وَالنَّفْسُ تُرْفَعُ إِنْ طَابَتْ مَشَاعِرُهَا